ومقتضى القاعدة تقديم قوله ببينته، وكذا لا ينعقد القراض بناء على ما قدمنا لو أحضر مالين معدودين، فقال: قارضتك بأيهما شئت، لانتفاء التعيين الذي هو شرط في صحة العقد، كما عرفت، ولا فرق بين أن يكون المالان متساويين جنسا وقدرا أو مختلفين، خلافا لبعض العامة، حيث جوزه مع التساوي، وظاهر المحقق المتقدم ذكره الميل إلى الجواز هنا أيضا استنادا إلى عموم الأدلة، وفيه ما عرفت.
الرابع: لو أخذ مالا للمضاربة مع عجزه عنه بمعنى أنه يعجز عن تقليبه في التجارة والبيع والشراء به لكثرته، قالوا: لا يخلو إما أن يكون المالك عالما بعجزه، أو جاهلا بذلك، فإن كان الثاني فإنه يضمن، لأنه مع علمه بنفسه وأنه يعجز عن ذلك يكون واضعا يده على المال على غير الوجه المأذون له فيه، فإنه إنما دفع إليه ليعمل به في التجارة.
لكن هل يكون ضامنا للجميع أو القدر الزائد على مقدوره قولان: اختار أو لهما في المسالك، ووجه الأول من عدم التميز والنهي عن أخذه على هذا الوجه ووجه الثاني من أن التقصير إنما حصل بسبب الزائد، فيختص به، وربما قيل:
إنه إن أخذ الجميع دفعة، فالحكم الأول، وإن أخذ المقدور ثم أخذ الزائد ولم يمزجه به ضمن الزائد خاصة، وأورد عليه بأنه بعد وضع يده على الجميع عاجز عن المجموع من حيث هو مجموع، ولا ترجيح الآن لأحد أجزائه، إذ لو ترك الأول وأخذ الزيادة لم يعجز.
أقول: لا يخفى ما في هذه التعليلات العليلة من عدم الصلوح لابتناء الأحكام الشرعية عليها، والحكم غير منصوص، وبه يظهر ما في الاستناد في عموم الضمان إلى النهي، وأي نهي هنا مع عدم نص في المسألة وكأنه أشار بهذا النهي إلى ما ذكر من قوله يكون واضعا يده على المال غير الوجه المأذون فيه.
وفيه أنه يمكن تخصيصها بالزائد لأنه هو الذي حصل فيه العجز، فيكون