وكلامه لا يخلو من غموض وخفاء، وإن سلم صحة ما ذكره، إلا أن دخوله تحت لفظ الشركة بأي المعنيين محل اشكال.
وأما ما ذكره ابن الجنيد من أنه لو اشترك رجلان وكان من عند أحدهما بذر وبقر، وعلى الآخر العمل والخراج، كانت الشركة جائزة بينهما، فهو خلاف ما يفهم من كلام الأصحاب، بل الظاهر أنه لا شركة هنا، وإنما الحاصل لصاحب البذر، وللعامل الأجرة.
قال في التذكرة: لو كان أحد البذر، وللآخر الدواب، ولثالث الأرض، واشتركوا مع رابع ليعمل، ويكون الحاصل بينهم فالشركة باطلة، والنماء لصاحب البذر، وعليه أجرة المثل لصاحب الأرض، عن أرضه: ولصاحب الدواب عن عملها، ولصاحب العمل عن عمله، فإن أصاب الزرع آفة ولم يحصل شئ من الغلة لم يسقط حقهم من أجرة المثل. انتهى.
وهذا هو الموافق لمقتضى الأصول الشرعية، وأنت خبير بأن أخبارنا خالية من ذكر هذه الأنواع، والظاهر أنها من اصطلاحات العامة، ولهذا اختلفوا في كل منها صحة وبطلانا، واطلاقا وتقييدا، كما لا يخفى على من راجع كتاب التذكرة، وأصحابنا قد اقتفوا أثرهم في ذكرها، والبحث عنها واتفقوا عدا ابن الجنيد على بطلان ما عدا شركة الأموال. والله العالم.
الثاني - قد عرفت أن أحد الأنواع المتقدمة شركة العنان بكسر العين ككتاب، وهو سير اللجام الذي تمسك به الدابة، وهي المتفق على جوازها، وهي عبارة عن الشركة في الأموال.
بقي الكلام في وجه هذه التسمية فقيل: من عنان الدابة، أما لاستواء الشريكين في ولاية الفسخ والتصرف واستحقاق الربح على قدر رأس المال، كاستواء طرفي العنان، أو تساوي الفارسين إذا سويا بين فرسيهما، وتساويا في السير يكونان سواء، وأما لأن لكل واحد منهما أن يمنع الآخر من التصرف كما يشتهي ويريد، كما يمنع العنان الدابة، وأما لأن الأخذ بعنان الدابة حبس إحدى يديه