وإلا فلو كان عالما بالغصب لم يرجع على المساقى بشئ، ولو هلكت الثمرة كملا أو سرقت فلا شئ للعامل والفرق بين هلاكها وسرقها وبين استحقاق الغير لها الموجب لأجرة المثل أن ظهور استحقاقها موجب لبطلان العقد وبطلان العقد موجب لأجرة المثل كما عرفت، وأما في صورة هلاكها وسرقها فإن العقد صحيح، والعامل شريك المالك بالحصة المقررة له، فإذا تلف ذلك كان على الجميع.
ولو كان ظهور استحقاق الأصول بعد ظهور الثمرة فههنا صورتان: الأولى - أن يكون الثمرة باقية، ولا اشكال في وجوب ردها على المالك كما تقدم، الثانية: أن يتلف الثمرة بعد اقتسامها بين المساقى والعامل، فقيل: بأنه يرجع المالك على كل منهما بما قبضه وأتلفه، وهو المنقول عن الشيخ في المبسوط، وقيل: بأن له مع ذلك الرجوع بالجميع على الغاصب، فيتخير بين الأمرين، وهو اختيار المحقق في الشرايع، وقيل: له مع ذلك الرجوع على العامل بالجميع، فيتخير بين الأمور الثلاثة، وهو اختياره في المسالك، وهذا هو الموافق لقواعدهم في الغصب، من أن كل من وقع يده على المغصوب وتصرف فيه فللمالك الرجوع عليه.
قال في الشرايع: ولو اقتسما الثمرة، وتلف كان للمالك الرجوع على الغاصب بدرك الجميع، ويرجع الغاصب على العامل بما حصل له، وللعامل على الغاصب أجرة عمله، أو يرجع على كل واحد منهما بما حصل له، وقيل: له الرجوع على العامل بالجميع إن شاء، لأن يده عارية والأول أشبه، إلا أن يكون العامل عالما به.
وقال في المختلف: إذا ظهر النخل مستحقا بعد أن اقتسما الثمرة وأتلفاها رجع المالك على العامل بنصف الثمرة، لا جميعها، قاله الشيخ في المبسوط، لأنه ما قبض الثمرة كلها، وإنما كان مراعيا لها حافظا نائبا عن الغاصب، فعلى هذا لو تلفت كلها بغير تفريط فلا ضمان عليه، والأقرب أن عليه الضمان في الموضعين للجميع ويرجع على الغاصب، لأنه غار، انتهى وهو ظاهر في اختياره جواز الرجوع على