بعدم اشتراط رضى المضمون عنه، قالوا: تفريعا على ذلك: بأنه لو أنكر المضمون عنه بعد الضمان لم يبطل الضمان، وعللوه بأنه لا أثر له، فإنه إذا لم يعتبر رضاه ابتداء فلا عبرة بإنكاره بعده، ثم نقلوا هنا خلاف الشيخ وجماعة حيث حكموا ببطلانه بعد انكاره، وردوه بأنه ضعيف جدا.
أقول: إن الشيخ إنما حكم هنا ببطلان الضمان بالانكار تفريعا على قوله باشتراط رضى المضمون عنه في صحة الضمان، مع أنهم لم ينقلوا خلافه هناك، بل ادعوا الاتفاق، وهو يشعر بموافقة الشيخ لهم في تلك المسألة، وتخصيص مخالفته بهذه، ومن ثم نسبوه إلى كونه ضعيفا جدا.
وأنت خبير بأنا لم نجد لهم دليلا شافيا على ما ادعوه من عدم اشتراط رضى المضمون عنه في صحة الضمان، إلا ما يذكرونه من جواز أداء الدين عنه بغير رضاه، وغاية ما يستند إليه هنا في أداء الدين حديث الضمان عن الميت، حيث أنه لا يتصور الرضا أو عدمه من الميت.
وما ادعوه من جواز أداء الدين عن الحي وبرائة ذمته مع عدم رضاه بذلك لم نقف له على دليل ومع وجود الدليل عليه فحمل الضمان على ذلك قياس، وإن كان مما يرجع إليه بنوع من الاعتبار والاستناد إلى الضمان عن الميت أو الأداء عنه غير دال على ما نحن فيه، لظهور الفرق بين الحي والميت، فهو قياس مع الفارق، وما ذكره العلامة من الدليل عليل لا يهدي إلى سبيل وبالجملة فالمسألة لما عرفت محل اشكال.
الخامس: الظاهر أنه لا خلاف في أنه متى تحقق الضمان على الوجه المعتبر شرعا انتقل المال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن، وبرء المضمون عنه من حق المضمون له، وإنما يبقى الحق في ذمة الضامن إذا كان الضمان بإذنه دون ما إذا كان تبرعا وخالف كافة العامة في ذلك حيث قالوا: بأن الضمان غير ناقل، وإنما هو ضم ذمة إلى ذمة، فللمضمون له مطالبة من شاء من الضامن والمضمون عنه.