ذلك تكذيب للبينة، ولا للدعوى الثانية فإن المال إذا تلف بغير تفريط لا يستحق عليه بسببه شيئا، وحينئذ فيقبل قوله في التلف من غير تفريط بيمينه، وثبوت القراض بالبينة لا ينافي جواز تلفه بعد ذلك بغير تفريط، وقد تقدم أن العامل أمين يقبل قوله بيمنيه، وهو ظاهر.
ولو ادعى الغلط في الربح أو قدره بأن قال أولا ربحت، أو ربحت كذا، ثم ادعى الغلط في ذلك، وأنه ما ربح شيئا أو ربح شيئا أقل مما ذكره أولا، فإنه يؤخذ باقراره الأول، ولا يسمع دعوى الغلط كما هو شأن جميع الأقارير.
نعم لو قال: خسرت بعد ذلك أو تلف، فإنه يقبل قوله بيمينه كما تقدم.
ولو ذكر لما ادعاه من الغلط وجها يمكن استناده إليه وابتناءه عليه فلا يبعد قبول قوله، كما مر مثله، بأن ظن هنا أن متاعه يشترى بكذا وكذا زيادة على القيمة التي ابتاع بها، فظهر كذب ظنه، ونحو ذلك فليس فيه إلا ارتكاب التجوز في أخباره بالبناء على الظن، ومثله في باب المجاز غير عزيز والله العالم.
الثامنة: الظاهر أنه لا خلاف في أنه ليس لأحد من العامل والمالك استحقاق شئ من الربح استحقاقا تاما حتى يستوفي المالك جميع رأس ماله، فلو كان في المال خسران وربح جبرت الوضيعة من الربح، سواء كان الخسران والربح في مرة واحدة، أو الخسران في صفقة، والربح في أخرى أو الربح في سفر، والخسران في سفر آخر لأن معنى الربح هو الفاضل عن رأس المال، وإذا لم يفضل شئ فلا ربح.
قال في التذكرة بعد ذكر الحكم المذكور: ولا نعلم في هذا خلافا، إذا تقرر ما ذكرناه فاعلم: أنهم قد صرحوا بأنه ليس لأحدهما قسمة الربح قبل فسخ العقد قسمة اجبار، بل يتوقف على رضاهما معا، فلا يجبر أحدهما لو امتنع.
أما العامل فإنه لا يجبر لو طلب المالك القسمة، لأنه لا يأمن أن يخسر المال بعد ذلك، ويكون قد خرج ما أخذه من الربح، وفات من يده، فيحتاج