ومنها ما إذا استأجر دابة واستوفي حقه منها وأمسكها بعد مضي المدة فهل الواجب عليه ردها وأنه مع امساكها وعدم ردها يكون ضامنا لها و لنفقتها، أو أنه لا يجب عليه الرد وإنما يجب عليه رفع اليد عنها إذا أراد صاحبها استرجاعها؟ قولان: وقد مضى تحقيق الكلام في ذلك في الموضع الخامس من المطلب الأول من هذا الكتاب.
ومنها أنه إذا استأجر دابة إلى موضع معين فتجاوز إلى ما زاد عليه فعليه أجرة المثل في الزيادة، وضمان العين إن تلفت، والأرش إن نقصت، لأنه غاصب وليس له الرجوع بما أنفق عليها مدة الغصب، ولو اختلفا في القيمة فالقول قول المالك مع يمينه، أو بينته، والأصل في هذه الأحكام ما رواه في الكافي في الصحيح عن أبي ولاد (1) " قال: اكتريت بغلا إلى قصر ابن هبيرة ذاهبا وجائيا بكذا وكذا، وخرجت في طلب غريم لي فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت أن صاحبي توجه إلى النيل فتوجهت نحو النيل، فلما أتيت النيل خبرت أنه قد توجه إلى بغداد، فأتبعته فلما ظفرت به وفرغت مما بيني وبينه رجعت إلى الكوفة، وكان ذهابي ومجيئ خمسة عشر يوما فأخبرت صاحب البغل بعذري وأردت أن أتحلل منه ما صنعت، وأرضيه فبذلت له خمسة عشر درهما فأبى أن يقبل فتراضينا بأبي حنيفة، فأخبرته بالقصة وأخبره الرجل، فقال لي: وما صنعت بالبغل؟ قلت: قد دفعته إليه سليما، قال: نعم بعد خمسة عشرة يوما، قال: فما تريد من الرجل قال: أريد كري بغلي فقد حبسها خمسة عشر يوما، فقال: لا أرى لك حقا لأنه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة فخالف وركبه إلى النيل، وإلى بغداد، فضمن قيمة البغل، وسقط الكري، فلما رد الرجل البغل سليما وقبضته لم يلزمه الكري، قال: فخرجنا من عنده وجعل صاحب البغل يسترجع، فرحمته بما أفتى به أبو حنيفة وأعطيته شيئا وتحللت منه، وحججت في تلك