في الصورة الثانية، بما يرجع إليه في المعنى.
وأنت خبير بما في هذا الكلام من المدافعة لما قدمنا نقله عنه أولا، فإن مقتضى الأول هو حصول الأمر بالانفاق، وإن كان أمرا ضمنيا، فيجب الانفاق حينئذ على المستودع بعد قبوله الوديعة، وهو صريح كلام المحقق الأردبيلي كما عرفت مسندا له إلى التذكرة، كما قدمنا نقله عنه، فأين هذا من كلامه الثاني.
ثم إنه قال في التذكرة - أيضا في هذه المسألة الأخيرة: - ولو ترك المستودع الانفاق مع اطلاق الاستيداع ولم يرفع إلى الحاكم ولم ينفق عليها حتى تلفت ضمن أن كانت تلفت من ترك ذلك، لأنه تعدى بتركه، وإن تلفت في زمان لا يتلف في مثله لعدم العلف، لم يضمن، لأنها لم تتلف بذلك.
قالوا: وفي حكم النفقة ما يحتاج إليه المريض من دواء، وفي حكم الحيوان الشجر الذي يحتاج إلى السقي ونحوه من الخدمة، وحيث ينفق مع عدم الاشهاد إما لتعذره، أو لعدم اشتراطه، فلو اختلفا في قدره فالقول قول المستودع مع يمينه، ولو اختلفا في مدة الايداع، فالقول قول المودع عملا بالأصل في الموضعين.
تنبيهان:
الأول - اطلاق كثير من عباير الأصحاب يدل على جواز أن يتولى المستودع علف الدابة وسقيها بنفسه، أو غلامه أمينا كان ذلك الغلام أم غير أمين غائبا كان المستودع أو حاضرا، والوجه في ذلك الجرئ على ما هو مقتضى العادة من تولي الغلام والخادم لذلك، إلا أنه قال في المسالك - بعد نقل ذلك: - وليس كل ذلك جائزا هنا بل إنما يجوز تولي الغلام لذلك مع حضور المستودع عنده، ليطلع على قيامه بما يجب، أو مع كونه أمينا، وإلا لم يجز، ونحو ذلك صرح في التذكرة، والوجه في ذلك أما في جواز الاستنابة مع الحضور فظاهر.