إذا مات المكفول به بطلت الكفالة ولم يلزم الكفيل شئ عند علمائنا، ثم نقل ذلك عن جملة من علماء العامة، ثم نقل عن جملة منهم القول بوجوب المال على الكفيل، معللين ذلك بأن الكفيل وثيقة على الحق، فإذا تعذر استيفاء الحق ممن عليه أستوفي من الوثيقة كالرهن.
ثم رده بالفرق بين الموضعين المذكورين، ثم قال: وقال بعض الشافعية:
لا تبطل الكفالة، ولا ينقطع طلب الاحضار عن الكفيل، وهو أصح قولي الشافعية عندهم، بل عليه احضاره ما لم يدفن وقلنا بتحريم النبش لآخذ المال إذا أراد المكفول له إقامة الشهادة على صورته، كما لو تكفل ابتداء ببدن الميت.
ثم رده بأنه ليس بجيد، قال: لأن الكفالة على الاحضار إنما يفهم منها احضاره حال الحياة، وهو المتعارف بين الناس - والذي يخطر بالبال، فيحمل الاطلاق عليه.
ويمكن كما احتمله بعض المحققين حمل كلامه في المسالك على ما إذا اشترط احضاره ميتا لأجل الاشهاد في عقد الكفالة.
وأما الحكم الثاني فالظاهر أنه لا اشكال في صحته، وبرائة الكفيل لو سلم نفسه تسليما تاما، لحصول الغرض به بأي نحو كان، وقيده في التذكرة بما إذا سلم نفسه من جهة الكفيل، فلو لم يسلم نفسه من جهته لم يبرء الكفيل، لأنه لم يسلمه، ولا أحد من جهته، وأطلق في موضع آخر من الكتاب البراءة كما هو ظاهر عبائر كثير من الأصحاب، وهو الأظهر.
قال في المسالك: وهو أجود، وبه جزم المحقق الأردبيلي (قدس سره) ولو سلمه أجنبي عن الكفيل فلا خلاف ولا اشكال، ولو لم يكن عنه فالوجهان المتقدمان. وجزم في التذكرة هنا بالتفضيل، بأنه إن كان عن الكفيل صح وبرئت ذمة الكفيل، وإلا فلا، قال: لأنه لا يجب على المكفول له قبوله، إلا أن يكون التسليم صادرا عن إذن الكفيل، محتجا بعدم وجوب قبض الحق إلا ممن هو عليه. لكن لو قبل برء الكفيل.
قال في المسالك ونعم ما قال: وفي كل هذه الفروع نظر، واطلاق المصنف وجماعة يقتضي عدم الفرق، ولعله أوجه.