وبالجملة فالظاهر عندي هو القول المذكور كما عرفت مضافا إلى ما عرفت في أدلة خلافه من القصور، وقد استثنى الأصحاب من هذا الحكم بناء على القول المذكور مواضع منها أن يشترط المؤجر على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه، فإنها تبطل بموته، وهو الظاهر عملا بالشرط المذكور.
ومنها أن يكون المؤجر موقوفا عليه فيؤجر الوقف ثم يموت قبل انقضاء المدة، فإنها تبطل بموته عندهم، فهو بمنزلة انقضاء المدة، لأنه إنما يملك المنفعة إلى حين موته، إلا أن يكون ناظرا على الوقف، فيؤجره لمصلحة العين أو لمصلحة البطون، فإنها لا تبطل حينئذ بموت الناظر، والصحة هنا ليست من حيث كونه موقوفا عليه، بل من حيث كونه ناظرا.
ومنها الموصى إليه بالمنفعة مدة حياته لو آجرها مدة، وما في أثناء المدة، فإنها تبطل بموته للعلة المذكورة في سابقه، وهو انتهاء استحقاقه، حيث أن ملكه مقصور على مدة حياته، والله سبحانه العالم.
الرابع: من الكليات المتفق عليها بينهم أن كلما صح إعارته صح إجارته، وقيدها بعضهم بما صح إعارته بحسب الأصل لا مطلقا، فإن المنحة وهي الشاة المعارة للانتفاع بلبنها مما يصح إعارتها مع أنه لا يصح إجارتها، إلا أن هذا الحكم إنما ثبت فيها على خلاف الأصل والقاعدة في العارية، كما تقدم ذكره، فإن مقتضى قاعدة العارية أن المستفاد ما صح الانتفاع به مع بقاء عينه، والمنحة ليست كذلك، فحكمها مخالف لقاعدة العارية فلا بد من القيد في الكلية المذكورة.
وبعضهم حمل الكلية المذكورة على ما هو الغالب، فلا يحتاج إلى القيد المذكور، وقال المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد - بعد قول المصنف ويصح إجارة كل ما يصح إعارته - ما صورته: أي كل ما يصح إعارته من الأعيان للانتفاع بالمنفعة التي لا تكون عينا يصح إجارته أيضا، لأن الإجارة تمليك المنفعة بعوض، والعارية بدون العوض، ولا فرق بينهما فكل ما يصح فيه أحدهما يصح