ولا بالنطاف ولكن بالذهب والفضة، لأن الذهب والفضة مضمون، وهذا ليس بمضمون ".
والتقريب فيهما أن عدم المضمونية في الحنطة والشعير هنا إنما يتجه فيما إذا كان مال الإجارة من حاصل تلك الأرض، فإنه يجوز أن لا يخرج منها شئ، بخلاف الذهب والفضة الثابتين في الذمة بمجرد العقد، والحنطة والشعير الخارجان عن الحاصل في حكم الذهب والفضة في صحة المضمونية أيضا، فلا وجه لادخالهما فيما لا يكون مضمونا والله العالم، وبالجملة فالأقرب هو القول المشهور، لما عرفت والله العالم.
الثاني - هل يجوز أن يستأجر الأرض بحنطة منها أم لا؟ ظاهر المشهور التحريم، استنادا إلى روايتي الفضيل وأبي بردة المتقدمتين، بل لا أعلم قائلا بخلافه صريحا.
وقال في الشرايع: ويكره إجارة أرض للزراعة بالحنطة والشعير مما يخرج منها والمنع أشبه، ووجه القول بالجواز وإن كان على كراهة عدم صراحة الروايتين في التحريم، لأن غاية ما يدلان عليه، أنه لا خير فيه، وهو إنما يشعر بالكراهة، وعلل القول بالمنع أيضا بأن خروج ذلك القدر منها غير معلوم، فربما لا يخرج منها شئ أو يخرج بغير ذلك الوصف، ومن ثم لم يجز السلم في حنطة من قراح معين لذلك. وأجيب بأنه على اطلاقه ممنوع، إذ ربما كانت الأرض واسعة لا تحبس بذلك القدر عادة فلا يتم اطلاق المنع.
أقول: الظاهر هو القول المشهور، أما على القول بالتحريم في المسألة المتقدمة كما نقل عن ابن البراج فظاهر، وأما على القول بالجواز ثمة فلظاهر الخبرين المذكورين المؤيد بحسنة الوشا المتقدمة الصريحة في التحريم إذا كان من حاصلها وموردها، وإن كان البيع وما نحن فيه إنما هو الإجارة، إلا أن الظاهر أن الوجه الجامع الذي أوجب البطلان في الكل من حيث عدم صحة المعاوضة بما كان من الحاصل في بيع كان أو