لأنه لم يردها إلى صاحبها، ولا من ينوب منابه، فلم يحصل الرد، كما لو ردها إلى أجنبي.
وقال أبو حنيفة، إذا ردها إلى ملك المالك صارت كأنها مقبوضة لأن رد العواري في العادة إلى أملاك أصحابها، فيكون مأذونا فيه من طريق العادة وهو غلط، لأنه يبطل بالسارق إذا رد المسروق إلى الحرز ولا تعرف العادة التي ذكرها فيبطل ما قاله، انتهى وهو جيد.
وأما الثالث وهو ما لو استعار الدابة إلى مسافة مخصوصة فتجاوزها، فإن الوجه في الضمان هنا أنه قد تعدى في العارية من وقت المجاوزة، فكان ضامنا لها إلى أن يردها إلى المالك هذا بالنسبة إلى ضمان العين لو تلفت فأما ضمان المنفعة وهو أجرة الدابة فعندهم أنه يثبت في المسافة المتجاوز بها عن موضع الإذن ذهابا وإيابا إلى أن يرجع إلى الموضع المأذون فيه، لأنه في هذه المدة غاصب. ولا تبطل الإعارة بذلك، فيكون تصرفه فيها بعد رجوعه إلى المكان المأذون فيه إلى أن يردها على المالك، جايزا لدخوله في الإعارة، فإنه مأذون فيه، وإنما حصل التعدي الموجب للأجرة في تلك المدة المتوسطة، وإن كان أصل العين مضمونة بذلك التعدي إلى أن ترد على المالك.
ونقل في التذكرة عن بعض الشافعية أنه يضمن الأجرة أيضا كالعين إلى أن يردها على المالك، محتجا بأن ذلك الإذن قد انقطع بالمجاوزة، ثم رده بأنه ممنوع.
أقول: حيث إنه سابقا قبل هذا الكلام قال: وهل يلزمه الأجرة من ذلك الموضع الذي وقع فيه العدوان إلى أن يرجع إلى البلد الذي استعار منه الأقرب العدم لأنه مأذون فيه من جهة المالك، وهو أحد وجهي الشافعية.
والثاني اللزوم ثم نقل القول الذي ذكرناه ورده هنا بالمنع من انقطاع الإذن بالمجاوزة.
وأنت خبير بأن المعير إنما أذن في تلك المسافة المعينة ذهابا وإيابا