فله الاشهاد ليدفع عن نفسه التهمة، وإلا لم يكن له ذلك، وهذا القول من حيث الاعتبار أقوى الثلاثة، إلا أن ما ادعوه من الفورية عندي محل توقف، إذ لا أعرف عليه دليلا واضحا أزيد من الأمر بالرد متى طلبها المالك، والأمر من حيث هو لا يقتضي الفورية، فايجابها يحتاج إلى دليل واضح، زيادة على الأمر بالرد، كما لا يخفى، وكونه حقا لآدمي لا يقتضي تضييقه بهذا النحو الذي ذكروه.
نعم لو فهم منه التضييق فالأمر كما ذكروه، ولو كان المودع غاصبا فإنه لا يجوز ردها عليه، ولا على وارثه لو طلبها، بل يجب إعادتها على مالكها إن عرف، ولو لم يعرف فأقوال: أحدها ما ذهب إليه الشيخ في النهاية، قال:
إنه يعرفها حولا كما يعرف اللقطة، فإن جاء صاحبها، وإلا تصدق بها عنه، وتبعه ابن البراج وهو المنقول عن ابن الجنيد أيضا، وبه صرح العلامة في التذكرة والارشاد، وفي المسالك: أنه هو المشهور بين الأصحاب.
وثانيها - ما ذهب، إليه الشيخ المفيد قال: إن لم يعرف أربابها أخرج منها الخمس إلى فقراء آل محمد (صلى الله عليه وآله) وأتباعهم، وأبناء سبيلهم وصرف منها الباقي إلى فقراء المؤمنين.
وقال سلار: وإن لم يعرف أربابها جعل خمسها لفقراء أهل البيت (عليهم السلام) والباقي لفقراء المؤمنين وهو يرجع إلى قول الشيخ المفيد.
ثالثها - ما ذهب إليه أبو الصلاح قال: إذا لم يعرف صاحبها ولا من ينوب منابه حملها إلى الإمام العادل، فإن تعذر ذلك في المسلمين فعلى المودع حفظ الوديعة إلى حين التمكن من ايصالها إلى مستحق ذلك، والوصية بها إلى من يقوم مقامه، ولا يجوز ردها على المودع مع الاختيار.
وقال ابن إدريس: إن لم يتعين له حملها إلى الإمام العادل، وإن لم يتمكن لزمه الحفظ بنفسه في حياته، وبمن يثق به في ذلك بعد وفاته إلى حين التمكن من المستحق، قال في المختلف: وهو الأقوى، لنا أنه أحوط.