لو استوفاها وقيل: إنه لا ينفسخ إلا بالفسخ، فيتخير بين الفسخ لتعذر حصول العين المستأجرة، فإذا فسخ سقط المسمى إن لم يكن دفعه، وإلا استرجعه وبين الالتزام بالعقد، ومطالبة المؤجر بعوض المنفعة، وهو أجرة مثلها، لأن المنفعة مملوكة له، وقد منعه المؤجر منها وهي مضمونة بالأعيان، وحينئذ فيرجع بالتفاوت، وهو زيادة أجرة المثل عن المسمى إن كان، لأن المؤجر يستحق المسمى في العقد، والمستأجر أجرة المثل، ويرجع عليه بالزيادة عما يستحقه إن كان هناك زيادة، وهذا القول اختيار الشرايع، والمسالك، والقواعد.
الثالث: لو منع المستأجر ظالم غير المؤجر عن الانتفاع بالعين المستأجرة، فلا يخلو إما أن يكون قبل قبضها من المؤجر أو بعده، فههنا مقامان: الأول أن يمنعه قبل القبض، والظاهر من كلام الأصحاب من غير خلاف يعرف أن المستأجر يتخير بين الفسخ فيرجع كل ملك إلى مالكه، ويرجع المستأجر بالأجرة على المؤجر إن كان قد دفعها له، وإلا فلا، ويرجع المالك على الغاصب بأجرة المثل كلا أو بعضا من حيث الغصب، ومنع تحصيل المنفعة من العين، وبين التزام العقد والرضاء به فيرجع على الغاصب بالعين المنتفع بها، وبأجرة المثل في مدة المنع، لأنه المباشر للاتلاف ظلما وعدوانا.
قيل: ولا يسقط هذا التخيير بعود العين إلى المستأجر في أثناء المدة، بل له الفسخ في الجميع، وأخذ المسمى لفوات المجموع من حيث هو مجموع، ولأصالة بقاء الخيار السابق، وله الامضاء واستيفاء باقي المنفعة، ومطالبة الغاصب بأجرة مثل ما فات في يده من المنافع، وليس له الفسخ في الماضي خاصة، والرجوع بقسطه من المسمى على المؤجر، واستيفاء الباقي من المنفعة، لاقتضائه تبعيض الصفقة على المؤجر، وهو خلاف مقتضى العقد، بل إما أن يفسخ في الجميع، أو يمضيه، مع احتماله، لأن فوات المنفعة في هذه الحال يقتضي الرجوع إلى المسمى وقد حصل في البعض خاصة، فاستحق الفسخ فيه، انتهى.