قال في المسالك: ومثله ما لو أقر الورثة بالوديعة، ولكن لم توجد في التركة فادعى المستودع أنه قصر في الاشهاد، وقال الورثة: لعلها تلفت قبل أن ينسب إلى التقصير فالقول قولهم، عملا بظاهر براءة الذمة، ولا يمين أيضا إلا مع دعواه عليهم التقصير، انتهى.
وعندي في هذا الكلام اشكال، لأن مرجعه - كما يفهم من تتمة عبارته في المقام - إلى أن المالك يدعي بقاءها، وتقصير الودعي في الاشهاد، والورثة مقرون بها، ولكن يدعون عدم وجودها في التركة، وأنه لعلها تلفت قبل أن ينسب المالك إلى التقصير، وظاهر هذا الكلام أن كلام المالك يتضمن دعويين أحديهما - أنها كانت باقية في التركة، وظاهر هذه الدعوى يرجع إلى الورثة بأنها عندهم، وأن انكارهم لكونها في التركة بعد الاقرار بها غير مسموع، وثانيهما تقصير المورث بعدم الاشهاد ليتحقق الضمان، وسقوط اليمين عن الورثة إنما يتجه على الدعوى الثانية، دون الأولى، اللهم إلا أن يحمل على أن المالك موافق على عدم وجودها في التركة، وإنما يدعي بقاءها إلى وقت عروض المرض الذي هو السبب الموجب للوصية، أو الاشهاد، فيلزم الضمان بالتفريط في ذلك، والورثة ينكرون الوجود إلى ذلك الوقت، وحينئذ فلا يتعلق الدعوى بالورثة على الوجه المذكور أولا، والله العالم.
العاشر - لا خلاف في وجوب رد الوديعة إلى المالك متى طلبها، وهي باقية في أول أوقات الامكان مسلما كان أو كافرا، للآية وهي قوله تعالى (1) " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " والروايات المتقدمة في صدر الكتاب (2) فإن جملة منها قد صرحت بوجوب الرد ولو إلى غير مسلم فلو أخل والحال كذلك كان ضامنا، ونقل عن أبي الصلاح أنه إذا كان المودع حربيا وجب على المودع أن يحمل ما أودعه إلى سلطان الاسلام، وهو ضعيف مردود بالأخبار المشار إليها