ومنه إلى الرجوع إلى المالك وردها عليه يضمن ضمان العارية هذا مقتضى تقريرهم في المقام، والله سبحانه العالم.
الثالثة: إذا حمل السيل حبا لرجل أو نوى أو جوزة أو نحو ذلك فثبت في أرض غيره بغير علمه قال في المبسوط: من الناس من يقول لا يجبر على قلعه، لأنه غير متعد فيه فهو كالمستعير، ومنهم من قال: يجبر على قلعه من غير أرش، لأنه لم يأذن له في ذلك وهذا أقرب إلى الصواب.
وقال ابن البراج: لا يجوز لصاحب الأرض مطالبته بقلعه، لأنه لم يتعد في ذلك، قال في المختلف بعد نقل القولين المذكورين: والوجه ما قاله الشيخ، لأن الأرض لمالكها فله الانتفاع بها على أي وجه، وتفريغها من مال الغير الحاصل فيها بغير إذن، ولأن الناس مسلطون على أموالهم وعدم الإثم والتعدي لا يقتضي منع المالك عن التسلط على ملكه، انتهى.
وبنحو ذلك صرح في التذكرة: فقال: إن لصاحب الأرض قلعه، وإن امتنع صاحب الزرع أجبر عليه، وبذلك صرح في الشرايع، والظاهر أنه هو المشهور بين المتأخرين وهو الأوفق بالأصول والقواعد الشرعية، وما ذهب إليه ابن البراج ضعيف لا يعول عليه.
بقي الكلام هنا في مواضع الأول: لو أعرض المالك عنه وإن كان كثيرا فإنه يتخير صاحب الأرض بين قلعه وبين تملكه، ويكون من قبيل السنبل والثمار التي يعرض عنها ملاكها إلا أن للمالك الرجوع فيها ما دامت العين باقية.
وظاهر التذكرة هنا أنه لا يجبر المالك على نقله، ولا على أجرة الأرض ولا غير ذلك لأنه حصل بغير تفريط ولا عدوان، فكان الخيار لصاحب الأرض المشغول به، إن شاء أخذه لنفسه وإن شاء قلعه.
الثاني: لو لم يعرض عند المالك وبقي حتى ظهر له ثمر فإن ثمره ونمائه لمالكه، وعليه أجرة الأرض للمدة التي كان باقيا فيها، إن طالبه صاحب الأرض