كانت يد الأجير كيد المستأجر لأنه مأذون عنه، ووكيل عنه أو وديعة عنده فكأنه عمل وهو في يد المستأجر، فيكون ذلك كافيا عن التسليم، ولهذا لو عمل وهو في يد وكيله أو ودعيه فالظاهر أنه لا يحتاج إلى التسليم.
والأظهر عندي الاستناد إلى عموم أدلة وجوب الوفاء بالعقود، والشروط وخصوص ما تقدم من الأخبار الدالة على أنه لا يجف عرقه حتى تعطيه أجرته.
وبالجملة فإن العمل هو الذي استحق به الأجير الأجرة عقلا ونقلا، والمعاوضة إنما وقعت عليه خاصة، والعين في يد الأجير أمانة لا يضمنها إلا مع التعدي والتفريط، فلا اعتبار بتسليمها وعدمه، سواء كان العمل في ملك أحدهما أو لا، ولا يسقط بعدم تسليمها مع عدم ضمانها شئ من الأجرة المستحقة بالعمل، والروايات شاهدة بذلك.
وعلل الثاني كما ذكره في المسالك حيث اختاره بأن المعاوضة، لا يجب على أحد المعاوضين التسليم إلا مع تسليم الآخر، قال: فالأجود توقف المطالبة بها على تسليم العين، وإن كان العمل في ملك المستأجر، وعلى هذا النهج كلام المحقق المتقدم ذكره.
وفيه أولا أن ما ذكره من هذه القاعدة في المعاوضة وإن اشتهر في كلامهم، إلا أنه لا دليل عليه، بل الظاهر إنما هو خلافه، كما تقدم تحقيقه في المطلب الثالث في التسليم من الفصل الرابع في أحكام العقود من كتاب التجارة.
وثانيا ما عرفت من دليل القول الأول.
وأما القول الثالث فوجهه ظاهر مما ذكر، ولكنه مردود بما ذكرناه في دليل القول الأول، قال في المسالك: وما نقله من الفرق قول ثالث بأنه إن كان في ملك المستأجر لم يتوقف على تسليمه، لأنه بيده تبعا للملك، ولأنه غير مسلم للأجير حقيقة، وإنما استعان به في شغله كما يستعين بالوكيل، وإن كان في ملك الأجير توقف، وهو وسط أوجه، من اطلاق المصنف والأوسط الذي اخترناه أوجه، انتهى.