المسألة الرابعة - إذا اختلف الضامن والمضمون له في قبض مال الضمان وادعى الضامن دفعه مع كون ضمانه بإذن المضمون عنه، وأنكر المضمون له ذلك فإن مقتضى القاعدة أن القول قول المضمون له بيمينه، لأنه منكر، والأصل عدم الدفع فها هنا أحوال:
الأولى - هذه الحال ومقتضاها أنه ليس للضامن رجوع على المضمون عنه بشئ لأنه إنما يرجع عليه بما غرمه، وهنا لم: يتحقق غرمه، واستحقاق الرجوع مشروط به وعلى هذا فلا فرق بين أن يكون ضمانه بالإذن وعدمه، وإنما قيدنا بالإذن أولا ليترتب الأحكام الآتية عليه، إذ لا تهمة مع التبرع - ولا رجوع.
الثانية - أن يشهد المضمون عنه للضامن بأنه دفعه، بشرط عدالته وعدم تطرق التهمة إليه، فإنه تثبت شهادته على القول بدفعه، والوجه فيه أن شهادته بذلك متضمنة للشهادة على نفسه، حيث إنه لما كان الضمان بإذنه موجبا لرجوع الضامن عليه فشهادته بالأداء شهادة على نفسه، وشهادة لغيره فتسمع، إلا أن يتطرق إليها التهمة.
وقد فرضوا للتهمة صورا، منها - أن يكون الضامن قد صالح على أقل من الحق، فيكون رجوعه إنما هو بذلك الأقل، فشهادة المضمون عنه له بذلك تجر إلى نفسه نفعا، فإن ذلك إذا لم تثبت يبقى مجموع الحق في ذمته للضامن.
ورد ذلك بأنه يكفي في سقوط الزايد عن المضمون عنه اعتراف الضامن بذلك ولا حاجة إلى الثبوت بالبينة كما سيأتي، وعلى هذا تندفع التهمة فتقبل الشهادة.
قالوا: ومنها أيضا أن يكون الضامن معسرا ثم يعلم المضمون له باعساره، فإن له الفسخ حيث لا تثبت الأداء، ويرجع المضمون له على المضمون عنه، فيدفع بشهادته عود الحق إلى ذمته.
ومنها أن يكون الضامن قد تجدد عليه الحجر بالفلس، والمضمون عنه عليه دين، فإنه يوفر بشهادته مال الضمان، فيزداد ما يضرب به.
الثالثة - أن لا يكون شهادة المضمون عنه مقبولة لأحد الوجهين المتقدمين، فيحلف المضمون له، فإنه متى حلف كان له مطالبة الضامن، ويرجع الضامن على المضمون عنه بما ادعى أنه أداه أو لا، لاعترافه بأنه لا يستحق سواه، وأن ما أخذ