وبسط الأخبار والأقوال في المطلب الثالث في الأحكام.
وأما قوله: إن الخامس مبني على صحة الشرط، وقد بينا فساده، ففيه إنا قد بينا صحته بما هو ظاهر للناظر، كما تقدم في الموضع الخامس من المطلب الأول، إلا أن فيه ما عرفت من أن مجرد صحته وجوازه لا يستلزم الكراهة، بل الأصل صحته وجوازه من غير كراهة كغيره من الأمور الجائزة المباحة حتى يقوم دليل على الكراهة، والله سبحانه العالم.
العاشرة: قد صرحوا بأن المنفعة تملك بنفس العقد، كما تملك الأجرة، ووجهه ظاهر مما تقدم في المسألة الثانية من مسائل هذا المطلب، من اقتضاء صحة المعاوضة ولزومها نقل الملك في كل من العوضين من أحدهما إلى الآخر كالبيع، وساير عقود المعاوضات اللازمة والإجارة من جملتها، فالمنفعة هنا منتقل إلى المستأجر بنفس العقد، وإن كان إنما يستوفيها تدريجا وشيئا فشيئا وهو غير مناف للملك، إذ لا يشترط في التمليك وجود المملوك، وملك المستأجر لها هنا على حسب ملك المؤجر لها، فإنه لا إشكال في أنه مالك لمنفعة نفسه، وليس ذلك إلا باعتبار صحة تصرفه فيها كتصرفه في العين بالنقل إلى غيره، فكذا المستأجر باعتبار صحة استيفائها ونقلها إلى غيره، ونحو ذلك من لوازم الحقوق المالية.
وبالجملة فإن ملك المستأجر لها على حسب ملك المؤجر لها، ولم يخالف في ذلك إلا بعض العامة، حيث زعم أن المستأجر لا يملك المنفعة بالعقد، لأنها معدومة، بل يملكها على التدريج شيئا فشيئا بعد وجودها، وحدوثها على ملك المؤجر، وجعل ملك الأجرة تابعا لملك المنفعة، فلا يملكها المؤجر إلا تدريجا كذلك، وضعفه أظهر من أن يخفى، وكما يملك المؤجر الأجرة بمجرد العقد كذلك يملك المستأجر المنفعة بمجرده، ولا فرق بينهما إلا بأن تسليم الأجرة موقوف على دفع العين المستأجرة إن وقع الاستيجار على منفعة تلك العين، أو إتمام العمل إن وقع على العمل كما تقدم، والمنفعة يجب تسليمها مع الطلب