مبني على وجوب نية قصد الإئتمان في قبض الوديعة، وإلا كان خائنا يترتب على قبضه الضمان، وهو مشكل لعدم الدليل عليه، وصدق الخائن عليه بمجرد هذه النية ممنوع، إذ الظاهر أن الاتصاف بالخيانة لغة وشرعا وعرفا إنما يتحقق بالتعدي والتصرف، لا بمجرد النية، وإلا لصدق على الانسان كونه زانيا بمجرد نية الزنا، وسارقا بمجرد نية السرقة، وهكذا ولا يقوله أحد، ولهذا إن الله تعالى لا يأخذ بمجرد النية والقصد، وإنما يؤاخذ بالفعل والتصرف في جميع أفراد المعاصي من خيانة وغيرها.
وبالجملة فإني لا أعرف لكلامهم هنا وجها وجيها، بل الظاهر خلافه كما عرفت وما نقله عن التذكرة من التردد قد تقدم ذكره في المورد الأول، وقد أشرنا في رده إلى ما ذكرناه هنا على أن ما ذكروه أيضا من الضمان للجميع بمجرد فتح القفل وفض الختم لا يخلو من المناقشة، لعدم الدليل على ذلك، والأصل براءة الذمة، والتصرف هنا حقيقة أنما وقع في القفل والختم، وإلى ما ذكرناه يميل كلام المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد أيضا.
قال في التذكرة: وإن كان الصندوق مقفلا والكيس مختوما، ففتح القفل وفض الختم ولم يأخذ ما فيه فالأقوى الضمان لما فيه من الثياب والدراهم، وهو أصح وجهي الشافعية، لأنه هتك الحرز، والثاني للشافعية أنه لا يضمن ما في الصندوق والكيس، بل يضمن الختم الذي تصرف فيه، وبه قال أبو حنيفة، انتهى.
قال المحقق الأردبيلي - بعد نقل هذا الكلام بحذافيره -: هذا أولى لما مر غير مرة من الأصل وعدم تصرف وتقصير في الحفظ وغير ثابت كون هتك الحرز موجبا للضمان، ولا بد له من دليل فتأمل، انتهى وهو جيد.
تذنيب:
قد تقدم في صدر هذا الكلام أنه لو أخذ البعض ضمن ما أخذ خاصة في صورة ما إذا كان الحرز من المستودع أو لم يكن في حرز، بقي الكلام في أنه