وقيل: إنها مأخوذة من التعاور والاعتوار، وهو أن يتداول القوم الشئ بينهم، وقال الخطائي في غريبه: إن اللغة الغالبة العارية وقد تخفف، انتهى.
أقول: وما نقله عن الصحاح قد صرح به ابن الأثير في نهايته أيضا، فقال:
والعارية مشددة الياء كأنها منسوبة إلى العار، لأن طلبها عار وعيب، وتجمع على العواري مشددا انتهى، إلا أن المفهوم من كلام أحمد بن محمد الفيومي في كتاب المصباح المنير تغليط ما ذكره في الصحاح والنهاية من الاشتقاق من المعنى الذي ذكراه، لأن العارية المبحوث عنها من الواو والعار بمعنى العيب من الياء.
ويؤيده كلام القاموس أيضا، حيث أنه ذكر العارية في مادة عور، والعار بمعنى العيب في مادة عير، ثم إنه نقل في المصباح أيضا معنى زايدا على ما قدمنا ذكره، وهو الاشتقاق من عار الفرس إذا ذهب عن صاحبه، لخروجها من يد صاحبها، وغلطه أيضا بأنه من الياء وفي القاموس أيضا عده من الياء، وفي القاموس أيضا. عد عار بمعنى جاء وذهب، والعيار المأخوذ من ذلك في مادة عير، دون عور التي قد عرفت أن العارية مأخوذة منها.
وحينئذ فقد بطل هذا المعنى، فلم يبق إلا الاشتقاق من التعاور بمعنى التداول، أو من العارة التي هي مصدر أعار يعير إعارة، وهذا هو الذي جمد عليه صاحب المصباح، والعجب من شيخنا العلامة ونحوه شيخنا الشهيد الثاني في المسالك حيث نقل كلام التذكرة، وجمد عليه حيث لم يتنبها لذلك، مع اختلاف أهل اللغة كما عرفت.
الثانية: لا يخفى أن العارية مما ثبتت بالكتاب والسنة والاجماع، أما الأول: فقوله تعالى (1) " تعاونوا على البر والتقوى " ولا ريب أن العارية من جملة البر، وقال تعالى (2) " ويمنعون الماعون " قال في كتاب مجمع البحرين: