وكان أجلهم إلى العصر فلما فرغوا قال لمعتب: أعطهم أجورهم قبل أن يجف عرقهم ".
والظاهر أن ذكر جفاف العرق كناية عن السرعة في الاعطاء وبالجملة فإن الأجرة تتعلق بذمة المستأجر بمجرد العقد، ولكن لا يجب التسليم إلا بعد أحد الأمرين المذكورين، وأما قولهم يجب تسليم الإجارة مع الاطلاق، فالظاهر أن المراد به أول وقت وجوب الدفع، الذي هو عبارة عن تسليم العين، أو الفراغ من العمل.
قال في المسالك - بعد قول المصنف ويجب تعجيل ها مع الاطلاق ومع شرط التعجيل ما صورته -: المراد بتعجيلها مع الاطلاق في أول أوقات وجوب دفعها، وهو تمام العمل، وتسليم العين المؤجرة، لأن بتسليم أحد العوضين تسلط على المطالبة بالأجرة بمقتضى المعاوضة الموجبة للملك، ثم إنه على تقدير ما ذكرنا من أنه لا يجب التسليم إلا بعد أحد الأمرين المذكورين، قالوا: لو كان المستأجر وصيا لم يجزله التسليم قبل ذلك إلا مع الإذن صريحا أو بشاهد الحال، ولو فرض توقف العمل على الأجرة كالحج مثلا وامتنع المستأجر من التسليم والظاهر كما استظهره في المسالك أيضا جواز الفسخ، ولو شرط التعجيل في الأجرة لم يزد على ما اقتضاه الاطلاق كما عرفت من أنه يجب التعجيل مع الاطلاق.
نعم يفيد ذلك تأكيدا ويتفرع عليه تسلط المؤجر على الفسخ لو شرط ذلك في مدة مضبوطة، فأخل به، ونحوه لو شرط القبض قبل العمل، أو تسليم العين المؤجرة، فإنه يصح عملا لعموم أدلة لزوم الشروط في العقود اللازمة، ويتسلط على الفسخ مع الاطلاق به كما في غيره، وقد تقدم الكلام في ذلك في كتاب البيع، وتقدم القول بعدم تسلطه على الفسخ، بل الواجب رفع الأمر إلى الحاكم، وجبره على القيام بالشرط، فليرجع في تحقيق ذلك من أحب الوقوف على الخلاف في المسألة إلى ما قدمناه ثمة (1).