حفظ أموال الناس خوف الغرم، ولو حمل الخبران الأولان على أن المراد بهما أنهما (عليهما السلام) يحكمان بالتفضل والتطوع بالنسبة إلى الناس، لحصلت المنافاة والمعارضة بين الأخبار، على أن صحيح الحلبي صريح في أن تطوله (عليه السلام) بعدم الضمان أنما هو في صورة ما إذا كان مأمونا، وحينئذ فيرجع إلى الأخبار الأخيرة الدالة على قيد المأمونية، يحمل اطلاق تفضل علي بن الحسين (عليه السلام) على ذلك، وبه يزول الاشكال وإن حمل على غيرهما من الناس، والله سبحانه العالم.
الخامسة والعشرون: في إجارة المملوك، والكلام فيها يقع في مواضع:
الأول: فيما إذا آجر المولى عبده أو آجر العبد نفسه بإذن مولاه فأفسد، فلا خلاف ولا اشكال في لزوم ذلك للمولى، لمكان إذنه، لأن الإذن في الإجارة يقتضي الالتزام بلوازمها التي من جملتها الضمان هنا، لكن الخلاف إنما هو في أنه هل يختص الضمان بكسب العبد، لأن الصانع لما كان ضامنا لما يفسده في ماله، والعبد لا مال له، تعلق الضمان بكسبه، وعلى هذا لو زادت الجناية على الكسب لم يلزم المولى شئ أو يكون الضمان على المولى؟ مطلقا قولان: وبالثاني قال في النهاية وأبو الصلاح.
قال في النهاية: من استأجر مملوك غيره من مولاه، فأفسد المملوك شيئا أو أبق قبل أن يفرغ من عمله كان مولاه ضامنا لذلك، وقال ابن إدريس: يكون ضامنا لبقية الأجرة دون أرش ما أفسده.
أقول: وكلام ابن إدريس لا يخلو من اجمال، فإنه يحتمل أن يراد به أن أرش الجناية لا يضمنه السيد من ماله، ولا من كسب العبد، وحينئذ فيكون هذا قولا ثالثا في المسألة، ولم أقف على من نقله عنه، ويحتمل أن يراد به أنه لا يضمنه المولى من ماله، وإن ضمنه من كسب العبد، كما هو القول الآخر في المسألة، إلا أنه لا يخلو من بعد، وكلام أبي الصلاح على نحو كلام الشيخ.
والذي يدل على ما ذهب إليه الشيخ ما رواه في الكافي والتهذيب عن زرارة