آخر لهم أيضا، ونفى عنه البأس، ووجهه ظاهر كما عرفت، والله العالم.
السادسة: قد تقرر أن مقتضى المضاربة هو عمل العامل بنفسه، فلا يجوز أن يضارب غيره إلا بإذن المالك لما فيه من التغرير بمال المالك، والتصرف فيه بغير إذنه، وهو محرم، فإن أذن له المالك صح وكان وكيلا من قبل المالك في ذلك، فإن كان بعد عمل العامل الأول وقد ظهر فيه ربح فله حصته من الربح، بناء على الأشهر الأظهر من أنه يملك الربح بمجرد الظهور.
وأما على القول بتوقفه على الانضاض أو القسمة فلا، ولكن له أجرة المثل بمقتضى كلام الأصحاب وبه صرح في التذكرة هنا أيضا، وأيما كان فإنه ليس للعامل الأول على هذا التقدير أن يشترط لنفسه شيئا من الربح، إذ ليس له مال ولا عمل هنا، والربح تابع لهما، ولا فرق في هذه الصورة بين جعل الحصة للعامل الثاني بقدر حصة الأول التي وقع عليها الاتفاق بين المالك والعامل الأول، أو أقل، وعلى تقدير كونها أقل فإن هذه الزيادة لا يستحقها العامل الأول، إذ ليس هذا عملا من أعمال التجارة التي يستحق به حصته، بل هي للمالك، ولو كان أذن المالك للعامل الأول في المضاربة، لا بهذا المعنى المذكور، بل بمعنى إدخال من أراد معه، وجعلهما اثنين مثلا، وحاصله جعل الثاني شريكا له في العمل والحصة، فلا مانع من ذلك، بل يكون صحيحا لزوال المانع المذكور آنفا، وهو عدم العمل، هذا كله مع الإذن له في المضاربة.
أما لو لم يأذن له فإنه لا يصح القراض الثاني، لما عرفت آنفا من أنه تصرف بغير إذن المالك، وتغرير به.
وحينئذ فلو عمل به العامل الثاني والحال هذه وظهر فيه ربح فلا خلاف في أن نصفه للمالك، وإنما الخلاف في النصف الآخر، وفيه أقوال ثلاثة:
أحدها - أنه للعامل الأول، واختاره في الشرايع والعلامة في الإرشاد وعلل