وإن كان الأقرب هو الصحة، لما ذكرناه، ويؤيده أيضا ما ذكره من صحة الإجارة في أمثال الخياطة، والله العالم.
الفصل الثاني في الأحكام:
وفيه مسائل: الأولى - المشهور في كلامهم أن كل موضع يحكم بفساد المساقاة فيه فللعامل أجر المثل، وللمالك جميع الثمرة، أما الثاني فلأنها نماء ملكه، ولم يحصل ما يوجب نقلها أو نقل شئ منها، لظهور فساد العقد الموجب لانتقال الحصة إلى العامل، وأما الأول فلأنه لم يتبرع بعمله، وإنما دخل فيه بناء على الحصة المشترطة له، والحصة لم تسلم له لفساد العقد، فلا بد لعمله من عوض وأجرة، فوجب الرجوع إلى أجرة المثل، إلا أنه ينبغي تقييده بأمرين: أحدهما - أن يكون جاهلا بالفساد، إذ لو كان عالما به ومع هذا أقدم على العمل كان متبرعا بعمله، والمتبرع لا شئ له شرعا، وثانيهما أن لا يكون الفساد باشتراط المالك جميع الثمرة له، لأنه مع فرض ذلك قد دخل على أن لا شئ له من الثمرة، وإن كان جاهلا يكون ذلك مفسدا للعقد.
وبالجملة فإنه على الفرضين المذكورين قد أقدم على العمل عالما بأنه لا يستحق أجرة ولا حصة، ثم إن ما ذكرناه من وجوب أجرة المثل في صورة الجهل بالفساد وعدم الفساد باشتراط المالك الثمرة لنفسه، هو الظاهر من كلام جل الأصحاب كما أشرنا إليه آنفا.
وظاهر شيخنا الشهيد الثاني أن الواجب أقل الأمرين من الحصة المشترطة وأجرة المثل، قال بعد الكلام في المسألة: ينبغي على ما قررناه أن يثبت للعامل أقل الأمرين من الحصة المشترطة، وأجرة المثل، لأن الأقل إن كان هو الأجرة فظاهر، لأن فساد العقد أسقط الحصة، فيرجع إلى الأجرة، وإن كان الأقل هو الحصة فالعامل أقدم على أن لا يكون له سواها في مقابلة عمله، حتى لو كانت في مقابلة عشر العمل، لكان مسقطا للزائد، فيكون متبرعا بالزائد على هذا التقدير،