المذكورة في تجدد الوديعة، لما علله به من أن التضمين حق للمالك، وقد رضي بسقوطه، وربما أشكل بأن معنى الضمان أن العين لو تلفت وجب عليه بدلها، والحال أنها الآن لم تتلف، فتكون البراءة من الضمان ابراء مما لم يجب.
ورد بأن الضمان المسبب عن التعدي معناه جعل ذمة الودعي متعلقة بالمال على وجه يلزمه بدل المال على تقدير تلفه، ولزوم البدل ثمرة الضمان وفائدته، لا نفسه، والساقط بالابراء هو الأول لا الثاني.
ويدل على أن المراد من الضمان هو المعنى الأول أنهم يحكمون عليه بمجرد العدوان، فيقولون صار ضامنا، ولو فعل كذا ضمن ونحو ذلك، مع أن لزوم البدل لم يحصل بذلك، وإنما حصل قبول ذمته له، وهذا معنى زواله بالبراءة، بل هو متعلق البراءة.
الثالثة - إذا أنكر الوديعة أو أقر بها ولكن ادعى التلف أو ادعى الرد ولا بينة فههنا مقامات ثلاثة.
الأول - الانكار، والظاهر أنه لا خلاف ولا اشكال في قبول قوله فيه، لأنه منكر، والأصل عدمها من غير معارض.
الثاني: دعوى التلف، والمشهور قبول قوله فيه بيمينه وإن كان مدعيا ومخالفا للأصل، لأنه أمين فيقبل قوله على من ائتمنه، بل ظاهر التذكرة دعوى الاجماع على ذلك، قال: إذا طلب المالك من المستودع الرد فأدعي التلف، فالقول قوله مع اليمين عند علمائنا، سواء ادعى التلف بسبب ظاهر، أو خفى.
لأنه أمين في كل حال، فكان القول قوله في كل حال هو أمين فيها، انتهى.
وظاهر الأصحاب أنه لا فرق في الحكم المذكور بين دعواه التلف بسبب ظاهر كالحرق والغرق، أو خفي كالسرق، لاشتراكهما في المعنى وقد عرفت من ظاهر العلامة دعوى الاجماع على ذلك.
وظاهر الشيخ في المبسوط الفرق بين ذلك، فقال: بقبول قوله في الثاني،