حيث قال بعد ذكر عبارة المصنف في هذا المقام: إذا كان في البستان الذي ساقاه عليه أنواع مختلفة من الثمرة واشترط الثلث من أحدهما، والنصف من الآخر مثلا صح المساقاة، بشرط علم العامل بمقدار كل نوع من تلك الأنواع، ومفهوم الكلام يدل على عدم الصحة لو لم يعلم وجهه للجهالة، وكذا مفهومه الصحة لو لم يكن الصحة مختلفة، بل إذا ساقاه على ذلك البستان بالنصف مثلا صح مطلقا، سواء علم مقدار الأنواع أم لا، وهو مشكل فإن الجهالة واقعة، فلو كانت مانعة من الصحة لمنعت هنا أيضا، وكونه مفهوما من الكلام غير واضح، فلا يبعد عدم الصحة بناء على اعتبار العلم وعدم الجهالة، فتأمل، انتهى وهو جيد.
وكيف كان فالمسألة لخلوها عن النص لا يخلو الحكم فيها من الاشكال، كغيرها من الفروع التي أكثروا فيها المقال والأقوال، فإن غاية ما يستفاد من نصوص المساقاة هو الحصة من حاصل ما اشتمل عليه البستان، نوعا واحدا كان أو أنواعا عديدة، علم كل منها على تقدير التعدد أم لم يعلم.
وأما صحة المساقاة مع تعدد الحصة بتعدد الأنواع سواء كانت الأنواع معلومة أو مجهولة فلا دليل عليه، ورجوعه بنوع من الاعتبار في بعض الموارد إلى الأول لا يكفي في الحكم بالصحة، إذ لعل ثمة مانعا لم نهتد إليه، سيما مع عدم الدليل عليه.
وملخص ذلك الرجوع في صحة العقود وبطلانها إلى التوقيف، والله العالم.
الثالث - قالوا: لو شرط مع الحصة من النماء حصة من الأصل الثابت احتمل الصحة، لعموم الأمر بالوفاء بالعقود، والمؤمنون عند شروطهم (1) وأن ذلك يجري مجرى اشتراط شئ غيره من ذهب أو فضة، وهو جائز، وإن ذكروا البطلان نظرا إلى أن مقتضى المساقاة جعل الحصة من الفائدة وأن الحصة من الأصول تدخل في ملكه بالشرط المذكور، فلا يكون