التذكرة: لا بد في هذه المعاملة من لفظ دال على الرضا من المتعاقدين، إذ الرضاء من لأمور الباطنية التي لا يطلع عليها إلا الله تعالى، وهذه المعاملة كغيرها من المعاملات يشترط فيها الرضا للآية، واللفظ الدال على الإيجاب أن يقول رب المال: ضاربتك أو قارضتك أو عاملتك على أن يكون الربح بيننا نصفين، أو أثلاثا، أو غير ذلك من الوجوه، بشرط تعيين الأكثر لمن هو منهما، والأقل كذلك، والقبول أن يقول العامل قبلت أو رضيت أو غيرهما من الألفاظ الدالة على الرضاء بالايجاب، وكذا الإيجاب لا يختص لفظا فلو قال: خذه واتجر به على أن ما سهل الله في ذلك من ربح وفائدة يكون بيننا على السوية، أو متفاوتا جاز، ولا بد من القبول على التواصل المعتبر في سائر العقود، وهل يعتبر اللفظ؟
الأقرب العدم، فلو قال: خذ هذه الدراهم واتجر بها على أن الربح بيننا على كذا، فأخذها واتجر بها فالأقرب الاكتفاء به في صحة العقد، كالوكالة ويكون قراضا.
ثم نقل عن جملة من العامة أنه لا بد من القبول، بخلاف الوكالة، فإن القراض عقد معاوضة، فلا يشبه الوكالة التي هي إذن، ثم قال: والوجه الأول.
أقول: قد عرفت في غير موضع مما تقدم سهولة الأمر في العقد، وأنه ليس إلا ما دل على التراضي بتلك المعاملة، وظاهر كلامه هنا وكذا كلام غيره الاكتفاء بما دل على الرضا، وإن كان فعلا في جانب القبول.
قال شيخنا الشهيد الثاني في الروضة: وفي اشتراط وقوع قبوله لفظا أو جوازه بالفعل، قولان: لا يخلو ثانيهما من قوة، وبذلك يظهر لك ما في قوله: " فلا بد من القبول على التواصل المعتبر في سائر العقود " من التأمل، فإنه متى صح القبول بالفعل دون القول فلا معنى لاشتراط التواصل الذي هو عبارة عندهم