تنبيهات:
الأول: المراد بالسفر هنا هو السفر العرفي لا الشرعي، وهو ما يجب فيه القصر، فلو كان السفر قصيرا أو أقام في الطريق وأتم الصلاة فنفقة تلك المدة من أصل المال، إلا أنه يجب الاقتصار في ذلك على ما يحتاج إليه التجارة، فلو أقام زيادة على ما يحتاج إليه كان الزايد عليه.
الثاني: قد عرفت أن المراد بالنفقة ما يحتاج إليه من مأكول وملبوس ومشروب له، ولمن في صحبته ممن يتوقف عليه سفره وآلات السفر وأجرة المسكن، ونحو ذلك، يراعى فيها ما يليق بحاله شرفا وضعة ووسطا على وجه الاقتصاد، فلو أسرف حسب عليه، وإن قتر على نفسه لم يحتسب له، لأن الذي له ما أنفق على الوجه المتقدم، وبعد العود من السفر، فما بقي من أعيان النفقة، ولو من الزاد يجب رده إلى مال التجارة أو تركه وديعة عنده إلى أن يسافر إن كان ممن يتكرر سفره، ولم يكن بيعه أعود على التجارة من تركه.
الثالث: لو شرط المالك على العامل عدم النفقة لم يجز له الانفاق من المال اتفاقا، ولو أذن له في الانفاق بعد ذلك فهو تبرع محض، وقد عرفت أنه مع الاطلاق فالأشهر الأظهر ثبوتها، فلو شرطها والحال هذه كان ذلك تأكيدا ومخرجا من الخلاف المتقدم، وإن كان ضعيفا كما عرفت، وعلى هذا فهل يشترط تعيينها حينئذ حذرا من الجهالة في الشرط الذي هو جزء من العقد، فتسري الجهالة إلى العقد ويؤيده اشتراط نفقة الأجير حيث لا يثبت على المستأجر، فإنه لا بد من تعيينها كما ذكروه أم لا؟ نظرا إلى أن الأشهر الأظهر كما عرفت ثبوتها بمجرد العقد مع عدم اعتبار وجوب ضبطها فلا يجب ضبطها بالشرط إذ لا يزيد الثبوت بالاشتراط على الثبوت بالأصل اشكال، ولعل الثاني أقوى ورجح في المسالك الأول.