التصرف (1) فلكل واحد من الشريكين فسخها لأن الشركة في الحقيقة توكيل وتوكل، فلو قال أحدهما للآخر: عزلتك عن التصرف، أو لا تتصرف في نصيبي انعزل المخاطب عن التصرف في نصيب العازل، ويبقى التصرف في نصيبه، ولا ينعزل العازل عن التصرف في نصيب المعزول إلا بقول متجدد منه، ولو فسخاها معا فإن الاشتراك باق وإن لم يكن لأحدهما التصرف في نصيب الآخر، ولو قال أحدهما:
فسخت الشركة ارتفع العقد، وانفسخ من تلك الحال، وانعزلا عن التصرف، لارتفاع العقد. انتهى.
قيل: وفي قوله " ولو قال أحدهما إلى آخره " تأمل، لأن أحدهما تكلم فقط بقوله " فسخت الشركة " وهو يؤل إلى عدم إذنه للآخر في التصرف، وعزله وابطال وكالته، لما قد مر مرارا أن هذا العقد والإذن توكيل، وغاية ما يكون عزلا لنفسه أيضا فإذا بدا له يجوز التصرف إذا قلنا إن الوكيل لا ينعزل بمجرد عزله، ولا يحتاج إلى إذن جديد، إلا أن يعلم الآخر الموكل بل يرضى بعزله ويعزله فتأمل. انتهى.
وملخص كلامه المناقشة في ارتفاع العقد بالكلية، فإن هذا القول إنما وقع من أحدهما، والذي يدل عليه عزله الآخر عن التصرف، وابطال وكالته، وغاية ما يمكن التزامه أنه عزل لنفسه أيضا، إلا أنه بمجرد ذلك لا يلزم بطلان العقد وارتفاعه، بناء على أن الوكيل لا ينعزل بمجرد عزل نفسه، بل يجوز له الرجوع بغير توكيل آخر، فكذا هنا يجوز له الرجوع بدون إذن آخر، فلا يتم حينئذ الحكم بارتفاع العقد.
وكما ينفسخ الشركة بالفسخ تنفسخ أيضا بالجنون والموت، لبطلان الوكالة بهما، وهي في معناها كما عرفت، بل هي وكالة في التحقيق، ونحو هما أيضا الاغماء والحجر