إلا أنه فرع وجود رأس المال فإن رأس المال إنما يصدق كما هو المتبادر على المبلغ الذي دفعه المالك، وهو قد تلف كما هو المفروض، والربح الذي يجب الجبر به إنما هو ما حصل من ذلك المال بعد المعاملة به، وهذا الربح الذي حصل بالشراء في الذمة لم يترتب على ذلك المال المقروض، لأنه قد ذهب قبل دورانه، ويؤيده أن الأصل بقاء ملك العامل لهذا الربح وخروجه عنه إلى أن يجبر به الفائت يحتاج إلى الدليل.
نعم قام الاجماع. وظاهر ما تقدم من الأخبار على الجبر بعد الدوران، فيبقى ما عداه على حكم الأصل، وبذلك يظهر أن قوله وعدم دورانه لا دخل له في الحكم بخلافه ليس في محله.
وبالجملة فإنا لا نمنع بقاء العقد في صورة التأويل الذي فرضه - وبنى عليه الكلام، لعدم فسخه وارتفاعه مع الإذن في الشراء في الذمة، وظهور ربح هناك - وإنما نمنع من جبر التالف بهذا الربح، إذ المتبادر من الأخبار وكلام الأصحاب أن الربح الذي يجبر التالف إنما هو ربح ذلك المال الذي وقعت المعاملة به، ورأس المال الذي يخرج أولا إنما هو المستعمل في التجارة وكونه مال التجارة، إنما يصدق حقيقة بعد الدوران لا قبله، بمعنى جبر التالف بالربح أي الذي عرض له التلف بعد حصول الربح فيه، لا ما لم يكن كذلك.
وكيف كان فالمانع مستظهر، والله العالم.
العاشرة: يجوز تعدد كل من العامل والمالك فيضارب المالك اثنين، وبالعكس، فإذا تعدد العامل بأن قارض الواحد اثنين، اشترط تعين الحصة لهما ولا يجب عندهم تفصيلها، بل يجوز أن يجعل النصف لهما، فيحكم بالنصف لهما بالسوية، لاقتضاء الاطلاق ذلك، وأصالة عدم التفصيل، وفيه نظر قد تقدم ذكره في المسألة الرابعة من المقصد الثالث في