وادعى كل واحد منهما عليه أنه يعلم أنه المالك، فالقول قوله مع يمينه، إلا أن الحلف هنا على عدم العلم، وهل يكفي يمين واحد أو لا بد من يمينين؟ المشهور الأول، وهو قول الشيخ في الخلاف وظاهر ابن الجنيد، اختاره في المختلف، وجعله الأقوى في المسالك، والقول الثاني للشيخ في المبسوط.
ووجه الأول أن المدعى شئ واحد وهو علمه بكون المال لمعين، بخلاف سابق هذه الصورة، فإنه يبقى استحقاق كل واحد منهما فيحلف له.
ووجه الثاني أن كلا منهما مدع، فيدخل في عموم الخبر المشهور، والقول الأول نقله في التذكرة عن الشافعي، والثاني عن أبي حنيفة، وحينئذ فإذا حلف سقطت الدعوى عنه، وبقيت المنازعة بينهما، وإن نكل عن اليمين وحلفا على علمه بناء على عدم القضاء بالنكول أغرم القيمة، وتجعل مع اليمين في أيديهما.
بقي الكلام في أنه متى حلف لهما، وبقيت المنازعة بينهما فقيل: بأنه يقرع بينهما، فمن خرج اسمه وحلف سلمت إليه، وقيل: يقف حتى يصطلحا.
قال الشيخ في الخلاف: لو كان عنده وديعة فادعاها اثنان، فقال المودع:
هي لأحدهما ولا أعلم صاحبها بعينه، وادعى كل منهما علمه بذلك أحلف يمينا واحدة، فإذا حلف وأخرجت الوديعة من عنده، وبذل كل من المتداعيين اليمين أنها له استخرج واحد منهما بالقرعة، فمن خرج اسمه وحلف سلمت إليه، أو يقسم بينهما نصفين.
وقال ابن الجنيد: توقف حتى يصطلحا أو يقوم بينة بها لأحدهما، ونقله الشيخ عن الشافعي، وتردد في المبسوط، فتارة حكم بالايقاف حتى يصطلحا، وتارة قوى القرعة، وادعى في الخلاف الاجماع على أن لكل أمر مشكل فيه القرعة.
أقول: والأقرب بمقتضى قواعدهم هنا هو ما اختاره شيخنا الشهيد الثاني في المسالك، حيث قال - بعد نقل القولين المذكورين -: والأقوى أنهما يحلفان