فلا يلزم الضامن الثمن على تقدير الفسخ بالعيب بل يرجع به المشتري على البايع، ويطالبه به، لأن الفسخ بالعيب إنما أبطل العقد من حينه، لا من أصله كما في ضمان العهدة الذي تقدم تحقيقه فلم يكن حالة الضمان وهو وقت البيع مضمونا.
حتى أنه لو صرح بضمانه في ذلك الوقت فسد (1) لأنه ضمان ما لم يجب، والذمة إنما اشتغلت به بعد الفسخ، والشرط الذي يبني عليه الضمان كما تقدم هو ضمانه حال اشتغال الذمة به، فوقت الضمان الذمة غير مشغولة، ووقت الاشتغال متأخر لم يقع فيه ضمان، فلم يصادف الضمان محله، ولا يؤثر هنا تقدم سبب الفسخ، وهو العيب الموجود حال البيع، لأنك قد عرفت أن المدار على اشتغال الذمة وقت الضمان، وهو غير حاصل، ومجرد تقدم السبب مع أنه قد يرضى به المشتري ولا يفسخ العقد غير موجب لصحة الضمان لما عرفت.
الثالث - قد اشتهر في كلام الفقهاء تسمية هذا الضمان بضمان العهدة، وضمان الدرك، وقد صرح العلامة في التحرير وغيره في غيره بأن العهدة، في الأصل اسم للوثيقة، أو الكتاب الذي يكتب فيه وثيقة البيع، ويذكر فيه مقدار الثمن وأحواله من وصف وحلول وتأجيل، ثم نقل إلى نفس الثمن، وغلب فيه.
وقال في التذكرة: سمي ضمان العهدة لالتزام الضامن ما في عهدة البايع رده، لما ذكره في الصحاح، فقال: يقال في الأمر: عهدة بالضم: أي لم يحكم بعد وفي عقله عهدة أي ضعف، فكان الضامن ضمن ضعف العقد، والتزم ما يحتاج إليه فيه من عزم، أو أن الضامن من التزم رجعة المشتري عليه عند الحاجة. انتهى.
وأما تسمية ضمان الدرك فقال في التذكرة أيضا: وأما الدرك فقال في الصحاح الدرك التبعة، وقيل: سمي ضمان الدرك لالتزامه الغرامة عند ادراك المستحق عين ماله.
وقال في المسالك: وقيل: يسمى ضمان الدرك لالتزامه لغرامة عند ادراك الشخص عين ماله.
أقول: قال في القاموس الدرك ويسكن: التبعة، وفي الصحاح، الدرك: