على عدم وجوب الضمان الذي ادعاه هنا، وقد تقدم في الموضع المذكور أنه من باع للسفيه مالا ودفعه إليه مع علمه بذلك، فتلف، فإن تلفه من مال صاحبه، لأنه سلطه عليه مع علمه بأنه محجور عليه، وإن فرض فك الحجر عنه بعد ذلك وتقدم أيضا النقل عن العلامة في التذكرة أن حكم المجنون والصبي حكم السفيه في ذلك، فإنهما إذا أتلفا الوديعة والعارية فالأقرب أنه لا ضمان عليهما، وهكذا الحكم فيما أتلفاه من مال الغير مطلقا.
وبالجملة فمن أراد تحقيق المسألة ليظهر له صحة ما ذكرناه هنا فليرجع إلى الموضع المذكور، والله العالم.
التاسع - لو ظهر للمستودع أمارات الموت بأن حصل له مرض من الأمراض القاتلة أو حبس للقتل ونحو ذلك.
فأقوال ثلاثة: أحدها - وجوب الرد على المالك أو وكيله، أو الحاكم عند تعذرهما أو ايداعها الثقة عند تعذره، فإن تعذر ذلك أشهد عليها اختاره العلامة في التذكرة، إلا أنه رجع عنه بعد ذلك إلى الايصاء بها.
وثانيها - الاشهاد على ذلك اختاره جمع منهم المحقق في الشرايع والعلامة في الإرشاد.
وثالثها - الوصية بها وقد عرفت أنه مذهب العلامة في التذكرة، والوجه في ذلك أن حفظ الوديعة لما كان واجبا على المستودع وجب كلما يتوقف عليه الحفظ من أحد هذه الأمور الثلاثة، إلا أني لم أقف على نص في المقام يتضمن وجوب شئ مما أو جبوه، والاحتياط في المسألة مطلوب بل واجب، لخلوها عن النص وهو أحد مواضع وجوب الاحتياط عندنا، حيث أن المسألة صارت بذلك من الشبهات، حلال بين، وحرام بين، وشبهات بين ذلك. والاحتياط هنا في العمل بالقول الأول، ثم إنه على تقدير القول بالاشهاد، فالظاهر أن المراد به اشهاد عدلين، بحيث يحصل الاثبات بها لو أنكر الورثة، أو كانوا جميعا أو بعضهم