والظاهر أن وجه الاشكال - كما ذكره بعض شراح القواعد - ينشأ مما تقدم مما يدل على عدم الرجوع ومن أنه قد استوفى المنافع، فيرجع عليه.
وأنت خبير بأن الموافق لقواعد هم إنما هو عدم الرجوع لما عرفت من الوجه المتقدم، ومجرد استيفاء المنافع مع تسليطه عليها مجانا لا يوجب الرجوع عليه ولو رجع على المستعير قال في المسالك: رجع على المعير بما لا يرجع عليه به، لو رجع عليه، لغروره.
وهو ظاهر في رجوعه عليه بأجرة المثل وبدل العين مع فقدها، وهي التي لا يرجع بها المعير على المستعير مع الجهل، فإنه يرجع بها المستعير هنا على المعير، لأنه قد غره بإعارته له وهو جاهل، وتصرف فيه بناء على أن ذلك مجانا، فلما رجع عليه المالك وأغرمه استحق الرجوع على من أعاره وغره.
وقال في التذكرة: فإن رجع على المستعير لم يرجع المستعير على المعير وإن كان جاهلا على اشكال.
وأنت خبير بأن الموافق لقواعدهم إنما هو ما ذكره في المسالك، فإن هذه المسألة من جزئيات مسألة من استعار من الغاصب، والمعير هنا بإعارته بدون إذن المالك غاصب، فيترتب على إعارته ما يترتب على إعارة الغاصب.
وما ذكره في المسالك هو مقتضى ما فصلوه في إعارة الغاصب كما تقدم ذكره في المسألة الرابعة من الفصل الثاني (1).
السابعة: لو أذن له في غرس شجرة فانقلعت، فهل يجوز له أن يغرس غيرها استصحابا للإذن الأول؟ قيل: نعم لما ذكر، فإن الإذن قائم ما لم يرجع المعير وقيل: بعدم الجواز لأن الإذن إنما وقع في ذلك الأول لا في غيره، فقوله إن الإذن قائم مطلقا ممنوع، ومثله الزرع والبناء ووضع الجذع، إلا أنه قال في التذكرة: لو انقلع الفصيل المأذون له في زرعه في غير وقته المعتاد، أو سقط الجذع كذلك، وقصر الزمان جدا فالأولى أن يعيده بغير تجديد الإذن، انتهى.