الرابع - من فروع اعتبار المدة في هذا العقد ما لو ترك العامل المزارعة حتى انقضت المدة، فإنه تلزمه أجرة المثل، كما لو استأجرها مدة معلومة، فإنه تلزمه الأجرة، لأن منفعتها قد صارت مستحقة له، حيث لا يتمكن المالك من استيفائها، وقد فوتها عليه فتلزمه الأجرة لذلك.
والأكثر على أنه لا فرق في لزوم أجرة المثل للمزارع بين تركه العمل والانتقاع بالأرض اختيارا أو غيره، وقيل: بالفرق بين الأمرين، لعدم التقصير على تقدير الثاني، ومقتضى العقد لزوم الحصة خاصة، ولم يحصل منه تقصير في عدم حصولها يوجب الانتقال إلى مالا يقتضيه العقد، وهو أجرة المثل الذي ذكروه.
أقول: يأتي على ما ذكرناه: من عدم دليل على اعتبار التأجيل في هذه المعاملة وعدم اعتبار المدة فيها وإن ذكرها في حكم العدم هو عدم لزوم شئ للعامل، لأصالة براءة الذمة، والفرق بينهما وبين الإجارة ظاهر، لأنه بالإجارة ينتقل المنفعة إلى المستأجر، وترتفع يد المالك عن الأرض بالكلية تلك المدة، فتلزمه الأجرة بلا اشكال بالتقريب المتقدم.
وعلى ذلك دلت جملة من الأخبار الآتية - إن شاء الله تعالى - في كتاب الإجارة بخلاف ما نحن فيه، فإن للمالك متى لم يزرع فيها العامل فسخ العقد ودفعها إلى غيره، ومنفعة الأرض لم تنتقل له بالعقد، وإنما هي مشتركة مع العمل فيها، وللعامل الحصة المقررة، فإذا أخل بالعمل فيها كما لو شرط عليه فللمالك فسخه، بل الظاهر انفساخ العقد بنفسه والله العالم.
الثالث - من الشروط الثلاثة المشار إليها آنفا أن يكون الأرض مما يمكن الانتفاع بها في الزرع، بأن تكون من أرض الزراعة، وأن يكون لها ماء معتاد تسقى به من نهر أو بئر أو عين أو نحوها، ومن ذلك الأرض في بلد تسقيها الغيوث والأمطار عادة، وكثير منهم حصر والماء في الأفراد السابقة. وذكروا الغيوث في مسألة على حدة، والحق أن الجميع من باب واحد، لأن المراد أن يكون