أما الكفيل فلأنه ملتزم للحق، وهو غير صحيح إلا برضاه، وأما المكفول له فلأنه صاحب الحق، فلا يجوز إلزامه شيئا إلا برضاه، وبهما يتم العقد.
وأما المكفول فالمشهور أنه لا يعتبر رضاه، لوجوب الحضور عليه متى طلبه صاحب الحق وإن لم يكن ثمة كفالة، والكفيل إنما هو بمنزلة الوكيل حيث يأمره المكفول له باحضاره، فغاية الكفالة هي حضور المكفول حيث يطلب.
وظاهر العلامة في التذكرة الاجماع على ذلك، حيث قال: تصح الكفالة وإن كرهها المكفول عند علمائنا، مع أنه نقل غير واحد من أصحابنا عن الشيخ في أحد قوليه (1) أنه يشترط رضاه، وقواه هو أيضا في التحرير، وبه قال ابن إدريس أيضا، ونقل عنهم الاحتجاج على ذلك بأنه إذا لم يأذن فيها أو يرضى بها لم يلزمه الحضور مع الكفيل، فلم يتمكن من احضاره، ولا تصح كفالته لأنها بغير المقدور عليه، وهذا بخلاف الضمان، لامكان تأديته من مال غيره بغير إذنه، ولا يمكن أن ينوب عنه في الحضور.
ورد ذلك بأن مدار هذا الاستدلال على عدم وجوب الحضور معه بغير رضاه، وهو ممنوع، لأن المستحق متى طلبه وجب عليه الحضور وإن لم يكن مكفولا كما قدمنا ذكره، وهو مما لا خلاف فيه، والغرض من الكفالة له راجع إلى التزام الكفيل باحضاره متى طلبه المكفول له، ومتى ثبت وجوب الحضور عليه بعد الطلب وإن لم يكن مكفولا، فإنه لا يجب في صورة الكفالة أيضا، لأن الكفيل إنما هو بمنزلة الوكيل في طلب الاحضار، وبالجملة فضعف القول المذكور أظهر من أن يخفى على الناظر. والله العالم.
الثاني - المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) أن الكفالة تصح حالة ومؤجلة، للأصل، ولأن الحضور حق شرعي فلا يمنعه الحلول، ومنع الشيخ في