قياسه على لزوم الأجرة فهو - مع كونه قياسا لا يجوز التعويل عليه في الأحكام الشرعية - قياس مع الفارق، لأنه إن كان ذلك الفعل المأمور به يرجع إلى الأمر بمعنى أنه أمره أن يفعله له - فإن دعوى عدم استحقاق الأجرة ممنوعة، وإن كان لا كذلك كالأمر برمي ماله في البحر ونحوه فهو ليس من محل البحث في شئ والفرق بينه وبين ما نحن فيه ظاهر، والقياس عليه قياس مع الفارق كما ذكرناه. والله العالم العاشر: لو دفع الضامن للمضمون له عما في ذمته عروضا برء الضامن مما عليه، وكان له الرجوع مع الإذن في الضمان بأقل الأمرين من قيمة العروض وما تباع به في السوق، ومما كان في ذمة المضمون عنه، لأن الضامن لا يستحق أكثر مما أدى، والمضمون عنه لا يؤدي أكثر مما في ذمته ومما أداه الضامن، فلو فرضنا أن الذي في ذمته كان مئة درهم، والعروض التي دفعها الضامن كانت تساوي خمسين درهما فليس عليه إلا الخمسين، وكذا لو فرضنا أن العروض كانت تساوي مئة وعشرين فليس عليه إلا المئة.
أما الأول فلأن الضامن لا يستحق الرجوع بأزيد مما دفعه، ولهذا لو أبرأ المضمون له لم يرجع بشئ ولو أبرأ عن البعض لم يرجع إلا بالباقي.
وأما الثاني فلأن المضمون عنه لا يجب عليه أداء أكثر مما في ذمته اتفاقا، وقال ابن الجنيد على ما نقل عنه في المختلف: لو ضمن زيد لعبد الله دينا على عمرو، فصالح زيد عبد الله عن جملة ضمانه عن عمرو، على ما يجوز التتابع به بينهما، فإن كان ذلك قبل وجوب الحكم على زيد بالمال الذي ضمنه (1) لم يكن له إلا قيمته، أو قدر ما أعطاه عبد الله يرجع به على عمرو، وإن كان بعد وجوب الحكم كان له الرجوع بأصل الحق على عمرو.
وأجاب عنه العلامة فقال لنا: إنه وضع للارفاق، والرجوع بأكثر مما دفع