ومما يؤيد ما ذكرناه ما رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر عن جامع البزنطي (1) " قال سألته عن رجل كانت عنده وديعة لرجل فاحتاج إليها هل يصلح له أن يأخذ منها وهو مجمع على أن يردها بغير إذن صاحبها؟ قال: إذا كان عنده وفاء فلا بأس أن يأخذ ويرده " ورواه الحميري في قرب الإسناد عن علي بن جعفر (2) عن أخيه (عليه السلام) " قال: سألته " الخبر وبمضمون ذلك أخبار أخر قد تقدمت في المسألة السابعة من المقدمة الرابعة من كتاب التجارة (3) والتقريب فيها أنها ظاهرة في أنه لا يخرج بهذا التصرف عن كونه أمينا لكون تصرفه جائزا.
وقال ابن إدريس - بعد ايراد خبر البزنطي المذكور - قال محمد بن إدريس لا يلتفت إلى هذا الحديث، لأنه ورد في نوادر الأخبار، والدليل بخلافه وهو الاجماع منعقد على تحريم التصرف في الوديعة بغير إذن ملاكها فلا يرجع عما يقتضيه العلم إلى ما يقتضيه الظن، انتهى، وهو جيد على أصله الغير الأصل.
وكيف لا؟ والأخبار بما قلناه متظافرة كما أشرنا إليه من ذكرها في الموضع المشار إليه، والحكم ليس منحصرا في هذا الخبر، وقد تقدم الكلام أيضا في المناقشة في بعض الموارد المذكورة.
ثم إنه على تقدير ما ذكروه من لزوم الضمان والخروج عن الوديعة فإنهم ذكروا أنه لا يعود إلى الحكم الأول إلا بأن يرده على المالك، ثم يجدد له المالك وهذا الفرد مما لا خلاف ولا اشكال فيه عندهم، لأنه وديعة مستأنف يترتب عليها أحكام الوديعة التي من جملتها كون الودعي أمينا.
قال في التذكرة: لو رد الوديعة - بعد أن تعلق ضمانها به إما بالاخراج من الحرز أو بالتصرف أو بغيرهما من الأسباب - إلى المالك ثم إن المالك أودعه