المطلب الثاني في المساقاة وهي معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرها، فالمعاملة بمنزلة الجنس، لتناولها لجميع عقود المعاوضات، وقولنا على الأصول بمنزلة الفصل، يخرج به المزارعة، وقولنا ثابتة لاخراج ما لا ثبوت لأصله، وعرقه في الأرض مثل الخضروات، والورد الذي لم يغرس، والمغروس قبل ثبوت عروقه واستقرارها، ونقل في المختلف عن الشيخ أنه يجوز المساقاة على البقل جرة بعد جرة للأصل، ثم رده فقال: والأقرب المنع، لأنها معاملة على مجهول، فتصح في موضع الاجماع، انتهى.
وقولنا: بحصة من ثمرها يخرج به الإجارة، فإنها وإن صحت على الأصول الثابتة لكن لا بحصة من الثمرة، بل بأجرة معينة معلومة أو مضمونة، وهل المراد بالثمرة هنا المعنى المتبادر، أو ما يدخل فيه النماء للشجرة، فتصح المساقاة على ما يقصد ورده، وورقه، كشجرة الحنا والتوت اشكال، ولعل الأرجح الأول، حملا للفظ على المعنى المعهود المتبادر من اللفظ، فلا تصح المساقاة إلا على أصول لها ثمرة متعارفة، ويؤيده عدم وجود نص في المساقاة على ما كان كذلك، والأصل العدم، وأما دليل صحة هذه المعاملة فلاجماع والنصوص.