ينبغي التقييد بصورة الجهل كما أشرنا إليه آنفا إذ مع العلم لا يبعد القول بالبطلان كما عرفت أيضا، والله العالم.
الخامسة: قد صرح جملة من الأصحاب بأنه لما كان القراض من العقود الجائزة، فلكل من المالك والعامل فسخه بقوله فسخت القراض، أو أبطلته أو رفعته أو نحو ذلك مما يؤدي هذا المعنى أو بقول المالك للعامل لا تتصرف بعد هذا، أو يقول رفعت يدك، وكذا يحصل ببيع المالك المال لا بقصد إعانة العامل وحينئذ فإن كان هناك ربح يقسم بعد اخراج رأس المال، وإن لم يكن ثمة ربح فللعامل أجرة المثل إلى ذلك الوقت الذي حصل فيه الفسخ.
ولو كان في المال عروض فهل للعامل أن يبيعها بغير إذن المالك؟ قولان:
ولو طلب منه المالك الانضاض هل يجب عليه أم لا؟ قولان: أيضا، وإن كان سلفا كان عليه جبايته.
قال في التذكرة: قد بينا أن القراض من العقود الجائزة من الطرفين كالوكالة والشركة، بل هو عينهما، فإنه وكالة في الابتداء، ثم يصير شركة في الأثناء، فلكل واحد من المالك والعامل فسخه، والخروج منه متى شاء، ولا يحتاج فيه إلى حضور الآخر ورضاه، لأن العامل يشتري ويبيع لرب المال بإذنه فكان له فسخه كالوكالة، إلى أن قال: إذا ثبت هذا فإن فسخا العقد أو أحدهما فإن كان قبل العمل عاد المالك في رأس المال، ولم يكن للعامل أن يشتري بعده وإن كان قد عمل فإن كان المال ناضا ولا ربح فيه أخذه المالك أيضا، وكان للعامل أجرة عمله إلى ذلك الوقت، وإن كان فيه ربح أخذ رأس ماله وحصته من الربح، وأخذ العامل حصته منه، وإن لم يكن المال ناضا فإن كان دينا بأن باع نسية بإذن المالك، فإن كان في المال ربح كان على العامل جبايته، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة، وإن لم يكن هناك ربح، قال الشيخ (رحمة الله عليه) يجب على العامل جبايته، وبه قال الشافعي إلى آخر كلامه.