عن محل المسألة، لأنها بعد تضمينه يقتسمان بغير كسر وهو حسن، قال في التذكرة فإن كان بغير تفريط في الحفظ ولا في المزج بأن أذن له في المزج أو حصل المزج بغير فعله ولا اختياره، فلا ضمان عليه، لا صالة البراءة، ولو فرط ضمن التالف.
وقال في الدروس بعد ذكر هذه المسألة على أثر سابقتها: وهنا الإشاعة ممتنعة، ولو كان ذلك في أجزاء ممتزجة كان الباقي أثلاثا، ولم يذكر الأصحاب في هاتين المسئلتين يمينا، وذكر وهما في باب الصلح فجاز أن يكون ذلك الصلح قهريا، وجاز أن يكون اختيارا. فإن امتنعا فاليمين. انتهى.
أقول: أما قوله " ولم يذكر الأصحاب في هاتين المسئلتين يمينا " فإن فيه أن ما قدمنا نقله عن التذكرة، في المسألة السابقة صريح في اختياره اليمين ثمة، والظاهر أنه غفل عن الوقوف عليه في الكتاب المذكور، وهو ظاهر جملة ممن تأخر عنه منهم الشهيد الثاني وغيره.
نعم لم أقف على من ذكر اليمين هنا وبذلك اعترف في المسالك أيضا.
وأما ما ذكره من أن الأصحاب ذكروهما في باب الصلح فجاز أن يكون الصلح قهريا، ففيه ما قدمنا ذكره في صدر المسألة من أن ايرادهما في هذا الباب لا وجه له بالكلية، لعدم انطباق العنوان عليهما، وعدم جريان الشروط فيهما، بل ظاهر الروايات المذكورة هو كونه صلحا قهريا كما احتمله وأنه ليس من باب الصلح الاختياري الذي هو موضوع هذا الباب.
وأما قوله " ولو كان ذلك في أجزاء ممتزجة كان الباقي أثلاثا " فتوضيحه أنه لو كان بدل الدنانير المفروضة في هذه المسألة ما يمتزج أجزاؤه مع تساوي الأجزاء بحيث لا يتميز كالحنطة أو الشعير أو الأرز أو نحوها، فأودعه أحد قفيزين من حنطة مثلا واستودعه الآخر قفيزا منها أيضا، فامتزج الجميع وتلف قفيز منها بعد الامتزاج فإنهم قالوا أنه يقسم المال التالف على نسبة المالين، وكذا الباقي فيكون لصاحب القفيزين قفيز وثلث قفيز، ولصاحب القفيز ثلثا قفيز، والفرق ظاهر، لأن الذاهب هنا عليهما معا من حيث الامتزاج، وتساوي الأجزاء بخلاف الدنانير، فإن الذاهب مختص بأحدهما، أما صاحب الدينارين، أو صاحب الدينار.