الإجارة يجب أن يكون موجودا معلوما كعوض المبيع، والحال أنه هنا ليس كذلك كما هو المفروض، وجواز ذلك في المساقاة، حيث أنهم قد اتفقوا على جواز العوض فيها مع الجهالة، وعدم الوجود خرج بالنص والاجماع، مؤيدا بمساس الحاجة إلى ذلك، وإن كان بعد ظهورها، فإن كان بعد بدو صلاحها جاز بلا اشكال ولا خلاف، وإن كان قبل بدو الصلاح فإنهم بنوا الحكم هنا فيها على جواز نقلها بالبيع في هذه الحال، وقد تقدم الكلام في ذلك في الفصل الثامن في بيع الثمار من كتاب البيع (1) وذكر الخلاف في جواز البيع مطلقا أو عدم الجواز إلا بأحد أمور ثلاثة ضم ضميمة إليها، أو شرط القطع، أو عامين فصاعدا، ومن ثم إن المحقق هنا اختار القول بالجواز بعد ظهورها، وقبل بدو صلاحها، بشرط القطع، حيث إن مذهبه في البيع ذلك، إلا أن الواجب عليه كان أن يذكر الضميمة، مضافة إلى القطع، والتخيير بينهما كما هو مذهبه ثمة.
ولهذا اعترضه في المسالك بذلك ثم اعتذر عنه بما هو مذكور هناك، والعلامة في القواعد صرح بالجواز مطلقا، فقال: ولو استأجره على العمل بحصة منها أو بجميعها بعد ظهورها، والعلم بقدر العمل جاز، وإلا فلا.
وأنت خبير بما في الحكم المذكور من الاشكال لعدم الدليل الواضح في هذا المجال، والحمل على البيع كما ذكروه محض قياس لا يوافق أصول الشريعة، سيما مع ما قدمنا من الاشكال، في اشتراط القطع في مسألة البيع.
بقي هنا اشكال آخر أيضا في هذه الصورة على تقدير كون الأجرة جزء من الحاصل، فإنه متى قيل بصحة الإجارة هنا بشرط القطع، والحال أن الثمرة مشتركة بين العامل والمالك، فإن الشركة تمنع من التسلط على القطع، فيتعذر التسليم لتوقف جواز القطع على إذن الشريك، ومن ثم قيل: في هذه الصورة بعدم الصحة، وقيل: بالصحة وهو اختيار المحقق في الشرايع نظرا إلى إمكان