الثامنة - لو اختلفا في القيمة بعد ثبوت التفريط فهل القول قول المالك بيمينه، أو القول قول الغارم؟ قولان: وبالأول قال الشيخان على ما نقله في المختلف، ونقل عنهما أنهما احتجا ببطلان الأمانة بالخيانة، فلا يكون قوله مسموعا.
ونقل في المختلف عن أبي الصلاح أنه قال: وروي أن اليمين في القيامة على المودع فتكون هذه الرواية دليلا للشيخين فيما ذهبا إليه هنا.
ورد الأول بأنه على تقدير قبول قول الودعي فإنا لم نقبله من حيث كونه أمينا ليلزم ما ذكروه، وإنما قبلنا قوله من حيث كونه منكرا للزيادة التي يدعيها المالك، فالقول قوله بيمينه لذلك، كما أن البينة هنا على المالك، لكونه مدعيا، وأما الخبر المذكور فلم يثبت على وجه تقوم به الحجة.
وبالقول الثاني صرح المحقق، والعلامة، وابن حمزة، وابن إدريس، وهو المشهور، ولا ريب أنه الأوفق بالقواعد الشرعية، قال في المسالك: وهذا الحكم لا يختص الأمين، بل الحق تعديه إلى كل من شاركه في هذا المعنى، وإن كان غاصبا، انتهى وهو جيد نظرا إلى الاندراج تحت القاعدة المنصوصة، والله العالم.
التاسعة - لا ريب أنه إذا مات المودع سلمت الوديعة إلى ورثته، فإن كانوا جماعة بلغاء سلمت الوديعة إلى الجميع أو وكيلهم أو وليهم أو وصيهم لو كانوا أطفالا، أو الحاكم مع غيبة الوارث، أو عدم وجود ولي خاص للأطفال، قالوا:
وتجب المبادرة بالتسليم، لأنها بموت المودع تصير أمانة شرعية، وقد تقدم أن الحكم فيها وجوب المبادرة بالرد إلى المالك فورا.
والمشهور أنه لا فرق في وجوب المبادرة بالرد بين علم الورثة بذلك وعدمه، ونقل في التذكرة عن بعض الشافعية أن مع علمهم لا يجب الدفع إلا بالطلب، ونفى عنه البأس.
وقال في المسالك - بعد نقل ذلك عنه -: وهو وجيه، إلا أنه لم يتحقق