والقول الثالث الحكم به لصاحب الغرفة، وهو مذهب ابن إدريس، وهو الظاهر من عبارة ابن الجنيد المتقدمة، واختاره العلامة في جملة من كتبه، وإليه يميل كلامه في المسالك، واستدل عليه في المختلف قال: لنا أن الغرفة إنما يتحقق بالسقف، إذ هو أرضها، والبيت قد يكون بغير سقف، وقد اتفقا على أن هنا غرفة لصاحبها، وبدون السقف لا غرفة، ولأن تصرفه فيها دون صاحب السفلي.
أقول: ومرجعه إلى أن السقف وإن أمكن الانتفاع به لهما إلا أنه بالنسبة إلى صاحب الغرفة أغلب، وفي حقه أضر فيكون الترجيح باعتبار أغلبية الحاجة وأضريتها، ويرد عليه حينئذ أن ذلك يجري في جدران البيت الذي قد تقدم اختياره فيها القول بالاشتراك، من حيث أن كلا منهما صاحب يد، مع أن البيت لا يوجد إلا بالجدران، لأنها أجزاؤه، ولا وجود للكل بدون الجزء، بخلاف الغرفة، فإنها يمكن أن تبنى على الأعمدة والأساطين، ولا يتوقف على الجدران فيرجع الأمر هنا إلى أنهما وإن اشتركا في الانتفاع بها إلا أن صاحب البيت أضره بعين ما قاله في السقف: فإن قيل: إن ما فرضتموه نادر، قلنا: وجود البيت بدون السقف كذلك أيضا، وبذلك يظهر لك ما في بناء الأحكام الشرعية على أمثال هذه التقريبات العقلية من المجازفة الظاهرة.
قال في المسالك: موضع الخلاف السقف الذي يمكن احداثه بعد بناء البيت، أما ما لا يمكن كالأزج الذي لا يعقل احداثه بعد بناء الجدار الأسفل، لاحتياجه إلى اخراج بعض الأجزاء عن سمت وجه الجدار قبل انتهائه، ليكون حاملا للعقد فيحصل به الترصيف بين السقف والجدران، وهو دخول آلات البناء من كل منهما في الآخر، فإن ذلك دليل على أنه لصاحب السفل، فيقدم قوله فيه بيمينه. انتهى. وهو كذلك والله العالم.