ثم إنه بناء على القول المشهور من اشتراط رضا المضمون له فهل المعتبر مجرد رضاه كيف اتفق ولو مع التراخي؟ أم لا بد من كونه بصيغة القبول، قولان:
استجود في المسالك الثاني، قال: لأنه عقد فلا بد فيه من القبول، ولا صالة بقاء ما كان من شغل ذمة المضمون عنه وسلامة ذمة الضامن، انتفاء حق المضمون له إلى أن يتحقق المزيل، وحينئذ فيعتبر فيهما يعتبر في ساير العقود من التواصل المعهود بين الإيجاب والقبول، وكونه بلفظ الماضي واللفظ العربي، لأنه من العقود اللازمة.
ثم قال: ووجه العدم قصة علي (عليه السلام) وأصالة عدم الاشتراط، ومخالفته لغيره من العقود المملكة، لأن الضمان لا يثبت ملكا جديدا وإنما يتوثق به الدين الذي كان مملوكا، وفيه أن استحقاق المضمون له عند الضامن حقا ضرب من التملك ثم ينتقض بالرهن، فإنه فائدته التوثق مع اشتراطه فيه انتهى.
أقول جميع ما ذكره وأطال به لا يخرج عن مجرد الدعوى، ولم أره استند إلى دليل يدل عليه ولا برهان يلجأ إليه إلا التمسك بأصالة بقاء شغل ذمة المضمون عنه، وعدم شغل ذمة الضامن، وفيه أنه وإن كان الأمر كذلك لكن يجب النظر في الدليل المخرج عن ذلك من الأخبار الواردة في هذا المضمار، لا مجرد الدعاوى العارية عن الاعتبار.
وأنت خبير بأنه لم يرد في الأخبار مما يدل على اشتراط رضا المضمون له إلا صحيحة عبد الله بن سنان، وقوله " فيها إذا رضي به الغرماء فقد برئت ذمة الميت " وظاهر ها بل صريحها هو توقف ذلك ما يدل على الرضا بأي لفظ كان، بل بغير لفظ أيضا، وفي معناها عبارة كتاب الفقه الرضوي، ومن أين يفهم من ذلك اشتراط كونه عقدا مشتملا على الإيجاب والقبول بهذه الاعتبارات التي أطال بها، مضافا إلى ما عرفته في كتاب البيع من عدم دليل على هذه الأمور المذكورة، بل قيام الدليل على خلافها، وهو ممن وافق على ذلك ثمة، على أنك قد عرفت من الروايات الثلاث التي أوردناها أنه يكفي في حصول الضمان - وانتقال المال إلى ذمة الضامن - قوله