من باب الواجبات الكفائية، وفيه ما فيه.
ثم إنه بالنسبة إلى الصورة الرابعة المشتملة على تحقق الوديعة لو ذهب المستودع بعد طرح الوديعة والمالك حاضر، فإنه جزم في التذكرة بأن ذلك رد الوديعة، ولو كان المالك غائبا ضمن.
قال في المسالك: ويشكل تحقق الرد بمجرد الذهاب عنها، مع حضور المالك، لأصالة بقاء العقد، وكون الذهاب أعم منه ما لم ينضم إليه قرائن تدل عليه، وهو جيد من حيث التعليل الثاني.
أما الأول أعني الاستناد إلى أصالة العقد فهو ضعيف، لما أشرنا إليه آنفا من أنه لا عقد هنا.
وأما الثاني فإنه جيد، لأنه لما ثبت كونه وديعة كما هو المفروض فالأصل البقاء على حكمها حتى يثبت ما يوجب فسخها، وذهاب المستودع لا يدل عليه، لأنه أعم من ذلك، والعام لا يدل على الخاص، إذا عرفت فاعلم أن ظاهر الفاضل الخراساني في الكفاية المناقشة في الصورة الثانية والثالثة مدعيا حصول الوديعة بمجرد الطرح، فإن ظاهر وضع المال عنده أن غرض المالك الاستنابة في الحفظ وإن لم يقل لفظا يدل عليه، والظاهر أنه لا يعتبر في ايجاب الوديعة لفظ، بل يكفي ما يدل على الرضا مطلقا، فلا حاجة إلى انضمام أمر آخر يدل على الاستنابة في حفظه.
أقول: لا ريب أن مجرد الطرح أعم مما ذكره، والعام لا دلالة له على الخاص نعم إن انضم إلى ذلك قرينة حالية أو مقالية تفهم قصد الوديعة فالأمر كذلك ونحن لا نوجب لفظا مخصوصا ولا فعلا مخصوصا، ولكن لا بد من شئ يفهم منه قصد الوديعة، ومجرد الطرح لا يفيده كما عرفت.
الثاني - لو أكره على قبض الوديعة لم تصر وديعة، ولا يجب عليه حفظها ولا ضمانها، مع احتمال حفظها، كل ذلك لمكان الاكراه.