أنه لا اشكال فيه، سواء كان قد تولى الظالم أخذها من يده أو من مكانها التي كانت فيه، أو قهره على الاتيان بها فدفعها إليه، لانتفاء التفريط في كل من الحالين وحينئذ فيرجع المالك على الظالم بالعين أو العوض: ونقل في المختلف عن أبي الصلاح أنه يضمن إذا سلمها بيده وإن خاف التلف، ولا ريب في ضعفه.
وهل للمالك الرجوع على المؤتمن في الصورة الثانية، من حيث أنه باشر تسليم مال الغير إلى غير مالكه، بمعنى أنه يتخير في الرجوع على أيهما شاء؟ استقرب العلامة في التذكرة ذلك على ما نقله عنه في المسالك، قال:
وعلى هذا فمعنى عدم ضمانه أنه لا يستقر عليه، بل يرجع بما غرم على الظالم، واحتمله في المسالك أيضا إلا أنه قال: والأقوى عدم جواز مطالبته، لعدم تفريطه ولأن الاكراه صير فعله منسوبا إلى المكره، ولأنه محسن فلا سبيل عليه، والتسليم بإذن الشارع، فلا يستعقب الضمان، انتهى.
أقول: وهذا الاحتمال الذي استقربه في التذكرة يرجع إلى ما قدمنا نقله عن أبي الصلاح، وما ذكره في المسالك في رده جيد، يمكن تأييده بما تقدم في كتاب المزارعة عن حديث سعيد الكندي (1) " قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إني أجرت قوما أرضا فزاد السلطان عليهم، قال: اعطهم فضل ما بينهما، قلت:
أنا لم أظلمهم ولم ازدد عليهم، قال: إنهم إنما زادوا على أرضك ".
فإنه ظاهر في أنه وإن كان الظالم إنما ظلم أولئك وأخذ من مالهم لكن لما كان منشأه الأرض المذكورة حكم (عليه السلام) بذلك على المالك، ومثله ما لو طلب الظالم مالا في ذمته لزيد بقصد الظلم لزيد، فإن مقتضى الخبر أنه لا يرجع زيد بما أخذه الظالم على من كان المال في ذمته، فبطريق الأولى لا يرجع فيما نحن فيه من حيث قبضه عين الأمانة.
وبالجملة فالظاهر عندي ضعف ما نقل عن العلامة من قرب القول المذكور