وفيه نظر، إذ لا يخفى أن الظاهر أنه لا خلاف في أن التصرف أمارة الملك، فلو تصرف أحد في شئ ومات وهو في تصرفه حكم به ميراثا لورثته، ولو ادعى مدع في أن تصرفه عاد طولب بالبينة، ولا يخفى أيضا أن التصرف غير مضبوط بحد معلوم وإنما هو في كل شئ بنسبته، يعني بالنظر إلى المنافع المترتبة على ذلك الشئ فكل من تصرف في شئ بتحصيل المنافع المترتبة عليه ثبت له الملك، والمنافع المترتبة على الطريق التي بها ثبت التصرف ليس إلا الاستطراق، لأنها موضوعة له وإن أمكن وجود منافع آخر أيضا، إلا أن هذا هو المقصود منها والغالب عليها، وأما ما ذكره من أن الاستطراق يحصل في غير الملك - فلا يدل على الملكية كما في الاستطراق في الشوارع - ففيه أن ما ذكرنا من أن التصرف أمارة الملك فإن التصرف في كل شئ إنما هو بنسبة حاله، مما يثبت به المدعى، إذ لا خلاف في هاتين المقدمتين فيما أعلم، وعدم ثبوت ذلك في الشوارع إنما هو من حيث عدم حصر السالك فيها، والملك لا بد أن يكون له مالك معين، والتصرف الموجب للملك الذي يكون في كل شئ بنسبته لا بد أن يكون مستمرا كما في التصرفات في ساير الأملاك.
وحينئذ فلو مر شخص في الجادة يوما ولم يعد إليها في باقي عمره لا يعد مالكا، وإن كان قد تصرف مرة، وهكذا في ساير السالكين وإن تفاوتوا، بخلاف ملاك السكة المرفوعة. فإنهم مستمرون على الاستطراق منها إلى بيوتهم كما في جملة التصرفات في الأملاك مع كونهم معينين محصورين، وبذلك يظهر لك الفرق بين الطريقين، وعدم قياس إحديهما على الأخرى في البين. والله العالم.
الخامس - قد عرفت أن الأظهر أنه ليس لأحد من المسلمين معارضته في اخراج الجناح والروشن، ويدخل فيه الجار، فليس له المعارضة، ليكون الهواء بينهما، بل أيهما سبق استحق ذلك.
نعم للآخر اخراج روشن فيما بقي من الهواء، وليس لصاحب الأول منعه ما لم يضع على خشبته شيئا منه، ويجوز للآخر اخراج روشنه فوق الأول أو تحته ما لم يضر به، ويعتبر أن يكون عاليا لا يضر بالمارة على الوجه المتقدم، ولو أظلم