سألته عن الرجل يعطي الرجل أرضه فيها الرمان والنخل والفاكهة، فيقول:
اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما خرج قال: لا بأس ".
ثم أجاب عن ذلك قال: والجواب المنع، وعن الحديث أن نفي البأس لا يستلزم اللزوم، انتهى.
وقال في المسالك: واعلم أن الاتفاق على اشتراط تقديرها في الجملة كما قررناه، وأما تركها رأسا فيبطل العقد قولا واحدا، ولأن عقد المساقاة لازم كما تقدم، ولا معنى لوجوب الوفاء به دائما، ولا إلى مدة غير معلومة، ولا بسنة واحدة، لاستحالة الترجيح بلا مرجح.
أقول: إن ثبت كون عقد المساقاة من العقود اللازمة كما ادعوه، فما ذكره جيد لا حيود عنه إلا أني لا أعرف لهم دليلا على هذه الدعوى زيادة على ما يظهر من اتفاقهم على ذلك.
وربما كان الظاهر من عبارة ابن الجنيد المنقولة عن المختلف إنما هو الجواز كما قال به جملة من العامة، ثم إنه مع تسليم ذلك فإنه لا يخفى أن المقصود من المساقاة هو أخذ العامل الحصة من الحاصل، بعد القيام بالعمل.
وحينئذ فلو اتفقا على المساقاة على ثمرة عام واحد فالظاهر أنه لا يحتاج في التحديد إلى أزيد من التحديد بالثمرة المساقى عليها كما تقدم نقله عن ابن الجنيد، وعليه يحمل صحيحة يعقوب بن شعيب المذكورة، فكأنه قيل: فيها اسق هذا النخل والرمان والفاكهة إلى أن تأخذ حصتك من الثمرة وهو النصف.
فإنك قد عرفت مما أسلفناه أن ما اشتملت عليه من هذا اللفظ هو صورة عقد المساقاة، إذ ليس في الخبر ما يدل على زيادة على ذلك، وهو بحسب ظاهره غير مشتمل على المدة التي أو جبوها في العقد، فاللازم أما كونه جائزا كما قدمنا ذكره، فلا ينافيه الاخلال بالمدة، لجواز الفسخ متى شاء أحدهما، أو أنه لازم كما صرحوا به، فلا بد من اعتبار ما ذكرناه، وتقدير ما قدرناه ليتم ما ذكروه.