وفيه أن الظاهر أن صدق الخائن عليه شرعا وعرفا لا يحصل إلا بفعل ما يوجب الخيانة، لا بمجرد النية، وإلا لصدق على من نوى الزنا ولم يزن أنه زان، ونحو ذلك، ولا ريب في بطلانه.
الثاني - ما ذكر من الضمان لو طلبها المالك أو من يقوم مقامه فامتنع من ردها مع الامكان.
أقول: أما وجوب الرد مع الطلب فلا ريب فيه للآية والرواية قال الله تعالى (1) " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " والأخبار بذلك قد تقدمت في صدر الكتاب (2) والأمر بالرد فوري عندهم، وأما وجوب الضمان في الصورة المذكورة فالظاهر أن دليله الاجماع على أن التقصير موجب للضمان، ولم أقف على نص في ذلك، وقد تقدم في الموضع العاشر من البحث الأول (3) تحقيق معنى الرد وتفصيل الكلام في هذا المقام.
فروع:
الأول - قال في التذكرة: لو أمره المالك بدفع الوديعة إلى الوكيل فطلبها الوكيل لم يكن له الامتناع، ولا التأخير مع المكنة، فإن فعل أحدهما كان ضامنا، وحكمه حكم ما لو طلب المالك فلم يرد عليه، إلا أنهما يفترقان في أن المستودع له التأخير إلى أن يشهد المدفوع إليه على القبض لأن المدفوع إليه وهو الوكيل لو أنكر الدفع صدق بيمينه، وذلك يستلزم ضرر المستودع بالغرم انتهى.
أقول: مرجع الفرق بينهما إلى أنه في صورة انكار الوكيل الدفع يحتاج المستودع إلى البينة، ومع عدمها يمين المنكر، لأن هذا الفرد أحد أفراد الكلية